مَا بِأَنْفُسِهِمْ} من الحال الجميلة، والمعنى: لا يسلب الله تعالى قومًا ما أعطاهم من العافية والنعمة حتى يغيروا ما بأنفسهم من الصلاح والحال الجميلة بكثرة المعاصي. و {مَا} في كلا الموضعين في موضع نصب بالفعل الواقع قبله، وهو بمعنى (الذي)، و {بِقَوْمٍ} صلته.
وقوله: {وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا} العامل في (إذا) ما دل عليه الجواب وهو {فَلَا مَرَدَّ لَهُ}، أي: لا يرده أحد، والمَرَدّ: مَفْعَلٌ، من رَدَّ الشيءَ يَرُدُّه رَدًّا وَمَرَدًّا، وهو مصدر مبني مع (لا) في موضع رفع بالابتداء، والخبر {لَهُ}.
وقوله: {وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ} أي: من ناصر يلي أمرهم فيصرف العذاب عنهم.
{هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ (12)}:
قوله عز وجل: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا} (هو) مبتدأ، وخبره {الَّذِي}، وفي انتصاب قوله: {خَوْفًا وَطَمَعًا} وجهان:
أحدهما: مصدران في موضع الحال، وفي ذي الحال وجهان: أحدهما: الكاف والميم في {يُرِيكُمُ}، أي: يريكموه خائفين وطامعين، أو ذوي خوف وذوي طمع. والثاني: {الْبَرْقَ}، كأنه في نفسه خوف وطمع، أي: خائفًا وطامعًا، أو ذا خوف وذا طمع، والأول أمتن، لأن ذلك من البرق مجاز.
والثاني: مفعولان من أجلهما وفيه وجهان - أحدهما: على تقدير حذف المضاف، أي: يريكموه إرادة خوف وطمع. والثاني: يريكموه إخافة وإطماعًا، كقولك: فعلت ذلك رغمًا للشيطان، أي: إرغامًا له.
ولا يجوز أن يكونا مفعولًا من أجلهما إلا على هذين التقديرين، وإلا فلا، لأنهما ليسا بفعل فاعل الفعل المُعَلَّلِ، ومن شرط المفعول له أن يكون