{وَأَمَّا} الثاني: عطف على الأول، وحُكْمُه حُكْمُه، ولغة تميم وبني عامر في (أما): أَيْما، يبدلون من إحدى الميمين ياءً كراهَةَ التضعيف (1).
وقوله: {مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا}: {مَاذَا}: فيه وجهان:
أحدهما: أن تجعل (ذا) مركبًا مع (ما) مجعولين اسمًا واحدًا في موضع نصب بأراد بتقدير: أيَّ شيءٍ أرادَ اللهُ؟
والثاني: أن تجعل (ذا) اسمًا موصولًا بمعنى الذي، و (ما) في موضع رفع بالابتداء، وخبره (ذا) مع صلته، والعائد محذوف، أي: أراده.
والإرادة: المشيئة، وأصلها الواو، بدليل قولك: راودْتُهُ على فعل كذا، والهاء فيها عِوَضٌ مِن حَذْفِ إحدى الألفين؛ قيل: الأولى، وقيل: الثانية.
و{مَثَلًا}: نصبٌ على التمييز، أي: مِن مَثَلٍ، كما تقول لمن حمل سلاحًا رديئًا: كيف تنتفع بهذا سلاحًا؟ أو على الحال من (ذا) في (بهذا)، أي: مُتَمَثِّلا، والعامل فيه معنى التنبيه أو الإشارة، كقوله: {هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً} (2)، ولك أن تجعله حالًا من اسم الله على تقدير مُتَمَثِّلًا به، يقال: تمثلت بكذا، وتمثلت كذا، بمعنىً، وعامله أراد، ولك أن تجعله مفعولًا به على تقدير أراد مثلًا، دل عليه هذا الظاهر.
{يُضِلُّ}: في محل النصب على أنه صفة لِلمَثَل، أو حال من اسم الله، ولك أن تجعله مستأنفًا (3).
وقوله: {إِلَّا الْفَاسِقِينَ}: نصبٌ بيضل، ولا يجوز أن يكون نصبًا على الاستثناء، لأن الفعل مُفَرَّغ لما بعد إلا، وقد ذكرت فيما سلف من الكتاب أن (إلا) في نحو هذا بمنزلة سائر الحروف التي تغير المعاني دون الألفاظ، نحو: هَلْ (4). أَيْ: الخارجِينَ عن أمر الله.