وقوله: {رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ} ابتداء وخبر، ومحل الجملة الرفع على أنها نعت لـ {ثَلَاثَةٌ}، ولا يجوز أن يكون {رَابِعُهُمْ} وصفًا لـ {ثَلَاثَةٌ}، وترفع {كَلْبُهُمْ} به على الفاعلية، لأنه يراد به الماضي، واسم الفاعل إذا كان بمعنى الماضي لم يعمل عمل الفعل في قول الجمهور من النحاة، إلا أن تجعله حكاية الحال الماضية كقوله: {هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ} (1)، بمعنى يَرْبَعُهُمْ كَلْبُهُمْ بانضمامه إليهم، فحينئذ يعمل عمل الفعل، ولا يجوز أن يكون محل الجملة النصب على الحال من {ثَلَاثَةٌ} لأمرين:
أحدهما: عدم العامل، إذ ليس قبله فعل، ولا معنى فعل، وإنما المقدر (هم) و (هم) لا يعمل. فإن قلت: أقدر هؤلاء مكان هم. قلت: منع ذلك لأن هؤلاء إشارة إلى الحُضَّر، وهم لم يكونوا مشاهدين (2).
والثاني: أن قوله: {ثَلَاثَةٌ} نكرة، ومن شرط ذي الحال أن يكون معرفة إلا إذا قدمت عليه. كقوله:
398 - لِعَزَّةَ مُوحِشًا طَلَلٌ قَدِيمُ
... . . . . . . . . . . . . . (3)
وهذا أيضًا يصح على رأي أبي الحسن لا على رأي صاحب الكتاب لعدم العامل، فاعرفه فإنه موضع لطيف.
وكذلك القول في قوله: {سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ} {وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} كالقول في قوله: {رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ} في جميع ما ذكرت.
فإن قلت: إن الجملة الأولى ليس معها العاطف فيجوز أن تكون صفة لـ {ثَلَاثَةٌ} وكذا الثانية، وأما الثالثة فمعها العاطف وهي {وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} فكيف يصح وقوعها صفة لسبعة والصفة لا تحتاج إلى معلق يعلقها بالأول، لا تقول: أتاني زيدٌ والظريف، على الوصف؟