المفعول الثاني لقوله: {وَاتَّخَذُوا} أي: مكان استهزاء، والهُزُوُ: الاستهزاء.
وقد يجوز أن تكون نافية ردًا إلى قوله: {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} أي: ولم ينذروا هزوًا. فإن قلت: فأين المفعول الثاني لقوله: {وَاتَّخَذُوا}؟ قلت: محذوف دل عليه {هُزُوًا}، والوجه هو الأول وعليه الجمهور.
وقوله: {أَنْ يَفْقَهُوهُ} مفعول له، أي: كراهة أن يفهموه.
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا (57) وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا (58)}:
قوله عز وجل: {وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا} أي: وجعلنا في آذانهم وقرًا، أي: ثقلًا يمنع عن استماع الحق.
وقوله: {فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا} الفاء جواب الشرط، و {إِذًا} جزاء وجواب، و {أَبَدًا} ظرف لقوله: {فَلَنْ يَهْتَدُوا}. ونفى عنهم الاهتداء، لأجل الأكنة والوقر.
وقوله: {لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا} قيل: {يُؤَاخِذُهُمْ} مضارع يحكى به الحال. وقيل: هو بمعنى الماضي (1). و (ما) موصولة أو مصدرية، أي: بالذي كسبوه أو بكسبهم.
وقوله: {بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ} الموعد: يجوز أن يكون مكانًا، أي: مكان الموعد، وأن يكون مصدرًا، أي: لهم وعد. وقيل الموعد: وقت الوعد،