من المنوي في {كَانَ}، والعامل فيه {كَانَ} لأنه فعل كسائر الأفعال، أو مِنْ {مَنْ} ونهاية صلتها {فِي الْمَهْدِ}، أو بدل من {مَنْ} كأنه قيل: كيف تكلم صبيًا خُلق في المهد؟ أي: هو الآن في المهد.
وإنما منعت النحاة أن تكون {كَانَ} هنا على بابها, لأن ذلك لا يختص بعيسى - عليه السلام -, لأن الناس كلهم كانوا في المهد صبيانًا يومًا من الأيام، ثم يتكلمون بعد أن كانوا كذلك (1).
{قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31)}:
قوله عز وجل: {آتَانِيَ الْكِتَابَ} لفظه لفظ الماضي، ومعناه المستقبل، أي: يؤتيني (2). وقيل: إنه أخبر عما في اللوح المحفوظ (3)، ومثله {وَجَعَلَنِي نَبِيًّا}.
وقوله: {أَيْنَ مَا كُنْتُ} (أينما) نصب على الظرف، و (كان) هنا التامة.
وقوله: {مَا دُمْتُ حَيًّا} (ما) مع ما بعدها في تأويل المصدر، وموضعها نصب على الظرف، أي: دوام حياتي، يعني: مدة دوامها، و {حَيًّا} خبر {مَا دُمْتُ}.
{وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33)}:
قوله عز وجل: {وَبَرًّا} الجمهور على فتح الباء عطفًا على {مُبَارَكًا}،