أبو علي: الفعل بعد الفاء منقطع عن عامل الجزم، وإذا انقطع عنه لم يجز أن يقع الماضي موضع المستقبل على حد ما كان يقع قبل أن يقطع، فالماضي لم يقع موقع المستقبل هنا من حيث ذَكَرَ الزجّاجُ، لكن كما يقع في غير هذا، انتهى.
و{أَعْنَاقُهُمْ} اسم ظلت، و {خَاضِعِينَ} خبرها، و {لَهَا} من صلة الخبر، والضمير للآية، وفي إتيان {خَاضِعِينَ} بالياء والنون أوجه:
أحدها: أن المراد بالأعناق هنا الكبراء والرؤساء شُبِّهُوا بالأعناق، كما قيل: هم الرؤوس والنواصي والصدور.
والثاني: أن الخضوع من صفة العقلاء، فلما وصفت بالخضوع الذي هو لهم أجريت مجراهم في الجمع، كقوله: {لِي سَاجِدِينَ} (1) و {أَتَيْنَا طَائِعِينَ} (2).
والثالث: أن الأعناق: الجماعات، يقال: أتاني عنق من الناس، أي جماعة منهم.
والرابع: أن الأعناق أضيفت إلى العقلاء وأعطيت حكمهم.
والخامس: أن التقدير: أصحاب أعناقهم، فحذف المضاف، فالإخبار في الحقيقة عن المضاف المحذوف.
والسادس: أن الأصل والتقدير: فظلوا لها خاضعين، فأقحمت الأعناق لبيان موضع الخضوع، لأنها إذا ذلت فقد ذلوا هم، وترك الكلام على أصله، كقولهم: ذهبت أهل اليمامة، كأن الأهل غير مذكور.
والسابع: أن خاضعين وخاضعة هنا بمعنىً، ومعنى ذلك: أن القوم إذا