{وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ}: وهو الجبل، حتى قبلتم وأعطيتم الميثاق. وقد جوز أن تكون الواو في {وَرَفَعْنَا} للحال، ولا بد من إضمار (قد) على هذا. و {فَوْقَكُمُ}: ظرف لـ {وَرَفَعْنَا}.
{خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ}: على إرادة القول، و {مَا} موصولة، وما بعدها صلتها، وعائدها محذوف. وهي مع صلتها في موضع نصب بـ {خُذُوا}، و {خُذُوا} وما اتصل به في موضع نصب بالقول المراد.
{بِقُوَّةٍ}: بجد وعزيمة، وهي في موضع نصب على الحال من الضمير في {خُذُوا}، أي: خذوا مجتهدين في العمل به عازمين عليه.
{وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ}: واحفظوا ما فيه وادرسوه، والزموا العمل بما فيه إرادةَ أن تتقوا.
{ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (64)}:
قوله عز وجل: {ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ} أعرضتم عن الميثاق والوفاء به.
{فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ}: {فَلَوْلَا} أصلها: لو ضُمَّ إليها لا، والحروف إذا ركبط بعضها مع بعض تغيرت أحكامها ومعانيها. بيان ذلك: أن {لَوْ} قبل التركيب معناه امتناع الشيء لامتناع غيره، وقد صار بعد انضمام (لا) إليه معدولًا عن هذا المعنى، وصار له معنيان:
أحدهما: امتناع الشيء لوجود غيره.
والثاني: أن يكون للتحضيض.
وسبب ذلك أن الامتناع نفي في المعنى و (لا) للنفي، والنفي إذا دخل على النفي صار إثباتًا وإيجابًا، هذا تَغَيُّرُ المعنى.
وأما تَغُيُّرُ الحكم فيه: فهو أن (لو) يختص بالفعل، وقد صار بعد انضمام (لا) إليه مختصًا بالاسم إذا كان معناه امتناع الشيء لوجود غيره.