{وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (24)}:
قوله عز وجل: {وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ} فيه أوجه:
أحدها: إضمار (أن) وإنزال الفعل منزلة المصدر، أي: ومن آياته أن يريكم البرق، أي: إراؤكم البرق، فلما حذفت (أنْ) ارتفع الفعل، فهو في موضع رفع بالابتداء، والخبر {وَمِنْ آيَاتِهِ}، وبه فسر المثل: "تَسْمَعُ بالمُعِيدِيِّ خَيْرٌ من أَنْ تراهُ" (1)، أي: سماعك به خير من رؤيته، وحَذْفُ (أنْ) كثيرٌ في كلام القوم نظمهم ونثرهم، ومنه بيت الكتاب:
509 - ألا أيُّهذا اللائمي أَحْضُرُ الوغَى
... . . . . . . . . . . . . (2)
أراد أن أحضر الوغى، يدل على ذلك رواية من روى:
ألا أيها اللائمي أن أحضر الوغى
... . . . . . . . . . . . . . . . (3)
والثاني: في الآية حذفان: حذف موصوف وعائده، والتقدير: ومن آياته آية يريكم فيها البرق، أو حذف موصوف، أي: ومن آياته شيء يريكم، وفاعل {يُرِيكُمُ} على هذا المنوي فيه الراجع إلى الموصوف، ثم حذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه.
والثالث: على التقديم والتأخير، أي: ويريكم البرق من آياته، فيكون (مِنْ آياته) في موضع نصب على الحال من البرق، أي: كائنًا منها.