اتّخذتم عنده عهدًا فلن يخلف الله عهده.
{أَمْ تَقُولُونَ}: قد جوز أن تكون {أَمْ} هنا متصلة، بمعنى: على أي الحالين أنتم؟ كأنه قيل: أتقولون على الله ما لا تعلمون أم تقولون ما تعلمون؟ وأن تكون منقطعة على أن الكلام قد تم عند قوله: {فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ}، ثم استؤنف الكلام بأَم على معنى: بل أتقولون على الله ما لا تعلمون؟ و {مَا} من {مَا لَا} موصولة، وما بعدها صلتها، أو موصوفة وما بعدها صفتها.
{بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (81) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (82)}:
قوله عزَّ وجلَّ: {بَلَى}: {بَلَى} حرف، وله موضعان:
الأول: أن يكون إثباتًا لما بعد حرف النفي الواقع قبله خبرًا كان أو نهيًا، تقول: ما ضربت زيدًا، فيقول المثبت: بلى، أي: بلى قد ضربتَ. وتقول: لا تضرب زيدًا، فيقول: المثبت: بلى، أي بلى أَضْربُهُ، ومنه قوله سبحانه: {لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً
... بَلَى}، أي: بلى تمسكم أبدا، بدليل قوله: {هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}، وقوله: {مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى} (1)، أي: بل عملتم السوء. وقوله: {لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى} (2)، أي: بلى يبعثهم. ولو أتيت بنعم هنا لكنت معترفا بالمنفي.
والثاني: أن يقع جوابًا لاستفهام دخل على نفي فَحَقَّقَهُ، فيكون معناه التصديق لما قبله، وذلك قولك: ألم أُكْرِمْ فلانًا؟ ألم أَهْزِمْ جيشًا؟ فيقول