الحفظ من شياطين لا يسمعون ولا يَتَسَمَّعُونَ لا معنى له. وقيل التقدير: لأن لا يسمعوا، فحذفت اللام مع أن فارتفع الفعل، كقوله:
534 - ألا أَيُّهَذَا الزَّاجِرِي أَحْضُرُ الْوَغَي
... ............................. (1)
وفيه أيضًا ما فيه لمن تأمل (2).
وقوله: {وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ دُحُورًا} (دُحُورًا) يجوز أن يكون مصدر قولك: دَحَره يَدْحُرُهُ دحرًا ودُحُورًا، إِذا طرده وأبعده، وأن يكون جمع داحِرٍ، كَجُلوسٍ في جَالِسٍ، ويكون بمعنى مفعول، وأن يكون جمع دَحْرٍ، كَدُهُورِ في دَهْرِ. وهو ما يُرْمَى به.
فإذا فهم هذا، فانتصابه على الوجه الأول يحتمل أوجهًا:
أن يكون مصدرًا مؤكدًا إما لفعل مضمر معطوف على {وَيُقْذَفُونَ} أي: ويقذفون من كل جانب ويُدْحَرون دُحُورًا، أو لـ {وَيُقْذَفُونَ}، لأن القَذْفَ والطَّرْدَ متقاربان في المعنى، فكأنه قيل: ويدحرون من كل جانب دحورًا.
أو أن يكون مفعولًا له، أي: ويقذفون من كل جانب بالشُّهُب للدحور، أي: للإبعاد.
وأن يكون في موضع انحال من الضمير في {وَيُقْذَفُونَ}، أي: مدحورين.
وأما على الوجه الثاني: فانتصابه على الحال ليس إلا، أي: داحرين، بمعنى مدحورين.
وأما على الوجه الثالث: فعلى إسقاط الخافض، أي: ويُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ بدُحُورٍ، فاعرفه فإنه موضع.