معمول الظرف على المذهبين، ولا يجوز أن يكون معمول {الْمُسْتَقَرُّ} لأنه مصدر بمعنى الاستقرار، ومعمول المصدر لا يتقدم عليه، وكذلك القول في قوله جل ذكره: {إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ} (1).
وقوله: {بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ} إن قَدَّرْتَ أَنَّ الإنسان هو البصيرة، كان ارتفاع {بَصِيرَةٌ} بأنه خبر المبتدأ الذي هو الإنسان، و {عَلَى نَفْسِهِ} من صلة {بَصِيرَةٌ}. ودخول التاء على {بَصِيرَةٌ} على هذا يحتمل أوجهًا:
أن يكون للمبالغة كالتي في عَلَّامَةٍ وراوِيَةٍ، أي: الإنسان بصير على نفسه، أي: شاهد عليها.
وأن يكون للحمل على المعنى، لأن معنى {بَصِيرَةٌ}: حجة، أي: الإنسان حجة على نفسه.
أو لحمل الإنسان على النفس، كما حملت النفس على الشخص، فقيل: ثلاثة أنفس، والشخص على النفس في قوله:
614 - . . . . . . ثَلَاثُ شُخُوصٍ
... كاعِبان ومُعْصِرُ (2)
وأن يكون على حذف الموصوف، أي: عين بصيرة.
وأن تكون البصيرة العِلْم فتكون مصدرًا، والتقدير: ذو بصيرة، أي: ذو علم، فحذف المضاف، وهذا يمنع أن يكون {عَلَى} من صلة {بَصِيرَةٌ}.
وإن قدرت أن البصيرة هي جوارحه، سمعه وبصره ويداه ورجلاه كما قال جل ذكره: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (3) كان ارتفاعها بالابتداء والظرف خبره، أو بالظرف على رأي أبي الحسن،