الأصل، إذ التقدير: تِلاوةً حقًّا، ونعت المصدر إذا قُدّم وأضيف إليه انتصب انتصاب المصادر، نحو: ضربته أَشَدَّ الضرْب، وصُمت أحسنَ الصيام، فتنصب أشد وأحسن على المصدر لما ذكرت، فاعرفه فإنه أصل يُعتمد عليه.
و{أُولَئِكَ}: مبتدأ ثان. و {يُؤْمِنُونَ بِهِ}: خبر المبتدأ الثاني، والمبتدأ الثاني وخبره خبر عن الأول. والضمير في {بِهِ} للكتاب، وقيل: للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك الضمير في {به} في قوله: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ}.
فإن قلت: هل يجوز أن يكون {يَتْلُونَهُ} الخبر؟ قلت: نعم أجيز ذلك إن حمل على الخصوص، وهم مؤمنو أهل الكتاب يتلونه حق تلاوته، لا يحرفونه في التنزيل ولا يغيرون ما فيه من صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو يَقرؤونه حق قراءته في الترتيل والتحقيق والتدبر، وإعطاءِ كُلِّ حَرْفٍ حقه.
وتَلا في اللغة على معنيين:
أحدهما: بمعنى تَبعَ، كقوله: {وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا} (1)، ومصدره التُّلُوُّ.
والثاني: بمعنى قرأ، ومصدره التلاوة، وهو هنا - والله تعالى أعلم بكتابه - المرادُ، إذ لو كان بمعنى تَبعَ لقيل: يتلونه حق تُلُوِّه، فاعرفه فإنه موضع. وإن حُمل على العموم فلا؛ لأن ليس كل من أوتي الكتاب تلاه حق تلاوته (2).
{وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (124)}:
قوله عز وجل: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ} {إِذِ}: ظرف في موضع نصب بإضمار فعل، أي: واذكر إذ اختبره بأوامرَ ونواهٍ. و {إِبْرَاهِيمَ} اسم