قوله عز وجل: {أَنْ يَأْتِيَكُمُ} في موضع رفع بحق خبر إنَّ، أي: إن آية ملكه إتيانكم التابوت.
واختلف في وزن التابوت على وجهين:
أحدهما: أنه على وزن فَعْلوت من التَّوْبِ وهو الرجوع؛ لأنه ظرف توضع فيه الأشياء، فلا يزال يُرجع إليه بسبب ما يوضع فيه ويُخرج منه، ومُنع أن يكون فاعولًا، لقلة باب سَلِس وقَلِق، ولأنه تركيب غير معروف، فلا يجوز ترك المعروف إليه (1).
ولغة الأنصار: التابوه، بالهاء، وبه قرأ بعض القراء (2)، فيكون على هذا فاعولًا، إلا أن تجعل الهاء بدلًا من التاء؛ لاجتماعهما في الهَمْس، ولكونهما من حروف الزيادة، وباقي العرب بالتاء، وعليه الجمهور من القراء.
فإن قلتَ: كيف تُجمع على اللغتين؟ قلت: أما على لغة الأنصار فعلى توابيه، وأما على الأخرى فعلى توابيت.
{فِيهِ سَكِينَةٌ}: في موضع نصب على الحال من {التَّابُوتُ}. وكذلك {تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ} في موضع نصب على الحال منه. والسكينة: السُكون والطُمأنينة، وهي مصدر كالقَضِيَّةِ.
و{مِنْ رَبِّكُمْ}: في موضع لرفع على الصفة لـ {سَكِينَةٌ}، وكذلك {مِمَّا تَرَكَ} لكونه صفة لبقية. والبقية: ما يبقى من الشيء، والتاء للمبالغة، وأصلها: (بقِييَةٌ)، فأُدغمت بعد النقل.
{فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ