يدعوهم إليه ويحملهم عليه هو رغبتهم في أخذه ومحبتهم لتناوله. وقيل: إِلا أن تُوجَدُوا مُغْمِضِينَ، من باب أفعلتُ الشيء، إذا وجدتَه كذلك، كقولك: أحمدتُ الرجل، إذا وجدتَه محمودًا.
وقرئ أيضًا: (تَغْمِضُوا) بفتح التاء وإسكان الغين وضم الميم وكسرها (1)، من غَمَضَ يغمُض ويغمِضُ لغة في أغمض.
{الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (268)}.
قوله عز وجل: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ} أصله: يَوْعِدُكُم، فحذفت الواو لوقوعها بين ياء وكسرة، وهو يتعدى إلى مفعولين، يقال: وعدت فلانًا كذا وبكذا أيضًا. والوعد يستعمل في الخير والشر، يقال: وعدته خيرًا، ووعدته شرًّا. وفي التنزيل {وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً}، وفيه: {النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} (2). فإذا لم تَذْكُرِ الخيرَ والشرَ، قلت في الخير: الوَعْدُ والعِدَةُ، وفي الشر: الإِيعاد والوعيد، قال الشاعر:
108 - إذا وَعَدُوا أَنْجَزُوا وَعْدَهُم
... وإِن أَوْعَدُوا خابَ مَن أوعَدُوا (3)
مدحَهُم بالعفو، لأنَّ من الكرمِ والفضلِ تَناسِيَ الوعيدِ. وعن الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء أنه احتج على عمرو بنِ عبيد بقول الشاعر:
109 - واني وإنْ أوعدتُهُ أو وعدتُه
... لَأُخْلِفُ إيعادي وأُنْجزُ مَوْعِدِي (4)
والمعنى: يخوفكم بالفقر على إنفاق المال، والتقدير: يعدكم الفَقر