عليه، واستُغني عن لفظه بما دل عليه (1) فحوى الكلام، أو مَثَلُ ما ينفقون كمثل مَهْلِك ريحٍ، وهو الحرث، وإنما احتيج إلى هذا التقدير ليتقابل المثلان. والمعنى: ما ينفقون مُهْلَكٌ ذاهبٌ كذهاب ما تهلكه الريح.
شبه الله جل ذكره ما ينفقونه في غير رضاه، في بطلانه وذهابه بحرث أهلكته ريح من صفتها كيت وكيت.
{فِيهَا صِرٌّ}: (صرٌ) رفع بالابتداء، وخبره الظرف، أو بالظرف على رأي أبي الحسن، والجملة في موضح جر على النعت لـ {رِيحٍ}.
والصِرُّ بالكسر: برد شديد يضرب النبات والحرث عن ابن عباس - رضي الله عنه - وغيره (2).
وعن الزجاجِ: الصِرُّ صوت لهيب النار التي كانت في تلك الريح (3).
وقوله: {أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ} في موضع الجر أيضًا على الصفة للريح.
وقوله: {ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} في موضع جر صفة لقوم.
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (118)}:
قوله عز وجل: {لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ} (من دونكم) يحتمل أن يكون متعلقًا بـ {لَا تَتَّخِذُوا}، وأن يكون متعلقًا بمحذوف على أن تجعله صفة لبطانة، أي: بطانة كائنة من دونكم، أي: من دون أبناء جنسكم، وهم المسلمون.