خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا (77)}:
قوله عزَّ وجلَّ: {إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً} {فَرِيقٌ} مبتدأ، و {مِنْهُمْ} في موضع رفع لكونه نعتًا له، و {يَخْشَوْنَ} الخبر، وهو العامل في {إِذَا}، و {إِذَا} هنا للمفاجأة.
والعامل في (لما) معنى الكلام، كأنه قيل: فلما كتب عليهم القتال جَزِعُوا أو جَبُنُوا، دل عليه معنى {إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ}.
والكاف في {كَخَشيَةِ اللَّهِ} في موضع نصب نعت لمصدر محذوف، أي: خشية مثل خشية الله، وهو من إضافة المصدر إلى المفعول من غير أن يذكر معه الفاعل، والأصل: من خشيتهم الله.
{أَوْ أَشَدَّ} عطف على (خشية الله) أي: كخشيةِ اللَّهِ أو كخشيةٍ أشدَّ خشيةً منها، فيكون مجرورًا إلَّا أنه لا ينصرف، ويحتمل أن يكون منصوبًا عطفًا على الكاف.
وقد جوز أن يكون محله النصب على الحال من الضمير في {يَخْشَوْنَ} أعني الكاف، أي: مشبهين لأهل خشية الله، {أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً} بمعنى: أو أشدَّ خشية من أهل خشية الله. و {أَشَدَّ} معطوف على الحال (1).
و{أَوْ} هنا تحتمل أن تكون للإِبهام على المخاطب، بمعنى: لو رآهم راءٍ لقال هذا أو هذا، وأن تكون للإِباحة، بمعنى: إِنْ مَثَّلْتَ بالأول فأنت مصيب، وإن مَثَّلْتَ بالثاني فأنت مصيب، وإن مثلت بهما فكذلك، وأن تكون للتخيير (2). و {خَشيَة}: نصب على التمييز.
وقوله: {وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا} (فتيلًا) مفعول ثان، أي: ولا تُنْقَصُون