والسيما: العلامة، وراق الشيء: صفا؛ أي أذكر ذلك على طريقة واضحة مستحسنة، والمقبل: التقبيل أو نفس الثغر وهو منصوب على التمييز أو عبر به عن نفس الفم؛ لأن الفم منه يخرج الكلام فأشار إلى ما يحصل بالإثبات من العلم، كأنها خاطبتك به فيحصل منها ما يشفيك ويروقك أي يقوم بما تريده منها، وكل هذه الألفاظ استعارات حسنة المعنى متجانسة الألفاظ نبه بها على حسن ذكره لاختلاف القراء في هذا الباب؛ لأنه احتاج فيه إلى زيادة لم يكن محتاجها في غيره، ثم ذكر أن هذا الصنيع يصنعه أيضا في غيرِ إذ، من باقي الألفاظ، فقال:
258-
وَفِي دَالِ قَدْ أَيْضًا وَتَاءٍ مُؤَنَثِ
... وَفِي هَلْ وَبَلْ فَاحْتَلْ بِذِهْنِكَ أَحْيَلا
أي أذكر ذلك أيضا في باقي الألفاظ، وقوله: احتل من الحوالة أو من الحيلة وأحيلا من الحيلة يقال: هو أحيل منك وأحول منك أي أكبر حيلة، وهو منصوب على الحال، والذهن الفطنة والحفظ أي احتل بذهنك على ما وعدتك به أو احتل في استخراجه.
وهذه الأبيات الأربعة غير وافية بالتعريف بما صنعه في هذه الأبواب على ما ستراه، وتهيأ لي مكانها أربعة أبيات لعلها تفي بأكثر الغرض فقلت:
سأذكر ألفاظا أخيرا حروفها أي الحرف الأخير من كل لفظ منها هو الذي يروى بالإظهار والإدغام فهو أولى من نسبة ذلك إلى اللفظ بكماله ثم ذكرت الألفاظ، فقلت:
فدونك إذ قد بل وهل تا مؤنث
... لدي أحرف من قبل واو تحصلا
أي أذكر كل واحد منها وحروفها التي عندها يختلف في إظهارها وإدغامها فإذا تمت الحروف جاءت كلمة أولها واو دليلا على انفصالها.
وقراءها المستوعبين وبعدهم
... أُسَمِّي الذي في أحرف اللفظ فصلا
أي: ودونك القراء الذين استوعبوا الإظهار عند الحروف والإدغام، أي أول ما أبدأ أن أقول: أظهر هذا الحرف عند جميع الحروف أو أدغم فلان وفلان، وبعد ذلك أذكر من فصل فأدغم في بعض وأظهر في بعض فإذا فرغ ذكر من فصل علمت أن باقي القراء استوعبوا الإدغام في الجميع إن كان الأولون أظهروا والإظهار إن كان المستوعبون الأولون أدغموا، ثم ذكرت كيفية نظمه لمن استوعب أو فصل من القراء فقلت:
ويرمز مع واو وبعد حروفهأوائل كلم بعدها الواو فيصلا
...أي بعد الفراغ من الرمز للقراء تأتي الواو الفاصلة فهي بعد المستوعبين فاصلة بين المسائل على ما جرت به العادة في سائل المسائل ففصل بها هنا بين المستوعبين والمفصلين كقوله فإظهارها أجرى دوام نسيمها وأظهر قالوا: وفي أظهر مثال ما ذكرناه والواو الآتية بعد رمز المفصلين فاصلة بين القراء وحروفهم التي أدغموا عندها أو أظهروا فإذا تمت حروف ذلك الرمز جاءت واو أخرى فاصلة بين المسائل وهي التي تجري في سائر المواضع.
فحاصل الأمر أنه احتاج في هذا الباب إذا ذكر القارئ المفصل بالرمز إلى واوين فاصلتين.