وقال في باب الإمالة: وقرأ ورش جميع ذلك بين اللفظين فعبر في البابين بعبارة واحدة فدل على اتحاد الحقيقة فيهما وكذا ذكر في كتاب الإمالة هو وأبو الطيب ابن غلبون قبله.
ومعنى قوله وذو الراء ورش أي يقرؤه ورش بين بين.
ومعنى قولهم بين بين وبين اللفظين واحد.
واللفظان هما الفتح والإمالة؛ أي بين هذا وبين هذا، وهو معنى قول مكي: هو صوت بين صوتين، وحكى ابن مهران عن خلف قال: سمعت الفراء النحوي "يحيى ابن زياد" يقول: أفرط عاصم في الفتح، وأفرط حمزة في الكسر. قال: وأحَبُّ إليَّ أن تكون القراءة بين ذلك.
قال خلف: فقلت له: ومن يطيق هذا؟ قال: كذلك ينبغي أن تكون القراءة بين الفتح والكسر مثل قراءة أبي عمرو -رحمه الله- وإنما يترك ذلك من يتركه لما لا يقدر عليه؛ لأنه أمر صعب شديد.
قلت: صدق ولصعوبته غلب على ألسنة الناس جعله كالإمالة المحضة، وفرقوا بينهما برفع الصوت وخفضه وهو خطأ، وأسهل ما يظهر فيه إمالة بين بين: الراء فهو في نحو: "ذكرى" أشد بيانا فافهم ذلك وابْنِ عليه.
وعني الناظم بقوله: وذو الراء ما كانت الألف الممالة المتطرفة فيه بعد الراء نحو:
"قد نرى" و"القرى". وهو الذي وافق أبو عمرو وحمزة والكسائي في إمالته في قوله: وما بعد راءٍ شاع حكما، ولا يدخل في ذلك ما بعد راء:
"تراءا الجمعان"1؛ فإنها ليست بمتطرفة ولكنها واردة على إطلاقه؛ فإنه لم يقيدها بالألف المتطرفة كما لم يقيد ألفات ذوات الياء في أول الباب، وأما قوله تعالى: {وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا} 2 فعن ورش فيه وجهان: الفتح وبين بين، والفتح رواية المصريين؛ لبعد الألف عن الطرف؛ لكثرة الحروف المتصلة بها بعدها والوجهان جاريان له في ذوات الياء والصحيح وجه بين بين وعليه الأكثر. قال في التيسير: وهو الذي لا يوجد نص بخلافه عنه، وقال في موضع آخر: وهو الصحيح الذي يؤخذ به رواية وتلاوة.
وليس يريد الناظم بقوله: "ذوات الياء" تخصيص الحكم بالألفات المنقلبات عن الياء؛ فإن إمالة ورش أعم