بين بهذا البيت كيفية استعماله الرمز بحروف أبجد فذكر أنه يذكر حرف القراءة1 أولا ثم يرمز له سواء كان المختلف فيه كلمة أو أكثر فالكلمة نحو: وتقبل الاولى أنثوا دون حاجز والكلمتان نحو وكسر بيوت والبيوت يضم عن حماجلة والثلاث نحو: وقيل وغيض ثم جيء يشمها والربع نحو: وسكِّنْ يؤده معْ نولهْ ونصلِهِ ونؤته منهاوقد تكون قاعدة كلية يدخل تحتها كلم متعددة نحو: وضمك أولى الساكنين
... البيت والأغلب أن الرمز المذكور لا يأتي إلا بعد كمال تقييد القراءة إن احتاجت إلى تقييد كالأمثلة التي ذكرناها، وقد وقع قليلاً رمز قبل تمام التقييد كقوله: والعين في الكل ثقلا كما دار واقصر مع مضعفة فقوله: كما دار رمز متوسط بين كلمتي التقييد وهما ثقلا واقصر، ومثله: ومع مد كائن كسر همزته دلا ولا ياء مكسورا
... وأما قوله في سورة غافر: أو أن زد الهمز ثملا وسكن لهم فإن قوله: لهم قام مقام تكرار الرمز وقد يرمز قبل جملة التقييد كقوله: وإثم كبير شاع بالثا مثلثا، ومثله مع تسمية القارئ قوله وفي فأزل اللام خفف لحمزة وزد ألفا من قبله فتكملا والضمير في تنقضي للرجال، ويجوز أن يعود على المسألة برمتها من ذكر الحرف وقرائه لدلالة سياق الكلام على ذلك.
يريد أنه إذا انقضى ذكر الحرف ورمز من قرأه أتى بكلمة أولها واو تؤذن بانقضاء تلك المسألة واستئناف أخرى؛ لأن الواو لم يجعلها رمز القارئ بخلاف سائر الحروف ولو لم يفعل ذلك لاختلطت المسائل وظن ما ليس برمز رمزًا لا سيما إذا أتى بكلام بين المسألتين للحاجة إليه في تتميم وزن البيت كقوله: وجها على الأصل أقبلا وجها ليس إلا مبجلا حق وذو جلا فإن ما بعد الواو ليس رمزا في كل ذلك وقد يأتي بكلمة أولها واو في أثناء تقييد المسألة لضرورة القافية فلا تكون الواو فيها فصلا كقوله: من رجز أليم معا ولا على رفع خفض الميم دل عليه، وكقوله: والياسين بالكسر وصلا مع القصر مع إسكان كسر دنا غنى، فالواو في ولا ووصلا في هذين الموضعين ليسا بفصل كما أن ألفاظ التقييد لا تكون أوائلها إلا رمزا، وإنما الرمز ما يأتي بعد كمال التقييد غالبا كذلك الواو الفاصلة هي ما يأتي بعد كمال المسألة من التقييد والرمز والله أعلم.
وإثبات الياء في تنقضي وآتيك وهما فعلا شرط وجزاء على لغة من قال:
ألم يأتيك والأنباء تنمي
وحقها حذف الياء منها للجزم ولم يستقم له حذف الياء من تنقضي، أما من آتيك فكان حذفها جائزا له على ارتكاب زحاف جائز والناظم لم يفعله لنفور الطبع السليم منه وفيصلا حال وهو من الصفات التي جاءت على وزن فيعل كضيغم وبيئس وفيه معنى المبالغة والله أعلم.
47-
سِوَى أَحْرُفٍ لاَ رِيبَةٌ فِي اتِّصَالِهَا
... وَبالَّلفْظِ أَسْتَغْنِي عَنِ الْقَيْدِ إِنْ جَلاَ
نبه بهذا البيت على أنه إنما جعل الواو فاصلة؛ لترتفع الريبة واللبس من اختلاط الحروف وإنما خص الواو بالفصل لتأتِّيها له في النظم وتيسرها عليه من حيث هي في الأغلب عاطفة والقراءات تراجم ومسائل يعطف بعضها على بعض وربما فصل بغير العاطفة كقوله: دار وجها شاع وصلاه في عمد وعوا وهو قليل، وليس كل كلمة أولها واو يكون الواو فيها فصلا؛ فإن ذلك قد يقع في كلمات القرآن وفي ألفاظ التقييد،