البدل من الذين كفروا، والذين: المفعول الأول والثاني محذوف، وقال أبو القاسم الكرماني في تفسيره المسمى باللباب: يجوز أن تكون التاء للتأنيث كقوله: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ} 1، ولا تحسبن القوم الذين، والذين وصف للقوم كقوله: {وَأَوْرَثْنَا القَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا} 2.
قلت: فيتَّحد معنى القراءتين على هذا؛ لأن الذين كفروا فاعل فيهما، وكذا يتحد معنى القراءتين على قول من يقول إن الذين كفروا مفعول على قراءة الياء أيضا والفاعل الرسول أو أحد كما تقدم في: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا} .
وقيل: إنما نملي بدل من الذين كفروا بدل الاشتمال؛ أي: إملاءنا خير بالرفع خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هو خير لأنفسهم والجملة هي المفعول الثاني، قلت: ومثل هذه القراءة بيت الحماسة:
منا الأناة وبعض القوم تحسبنا
... أنا بطاء وفي إبطائنا سرع
كذا جاءت الرواية بفتح أنا بعد ذكر المفعول الأول فعلى هذا يجوز أن تقول: حسبت وزيد أنه قائم؛ أي: حسبته ذا قيام، فوجه الفتح أنها وقعت مفعوله وهي وما عملت فيه في موضع مفرد وهو المفعول الثاني لحسبت والله أعلم.
وأما {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُون} على قراءة الخطاب، فتقديرها على حذف مضاف؛ أي: بخل الذين يبخلون، والغيب في: {بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} رد على: {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ} ، والخطاب رد على: {وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا} 3.
والملأ بالمد مصدر لملا، وبالقصر: الجماعة الأشراف، وكلاهما مستقيم المعنى هنا والله أعلم.
580-
يَمِيزَ مَعَ الأنْفَالِ فَاكْسِرْ سُكُونَهُ
... وَشَدِّدْهُ بَعْدَ الفَتْحِ وَالضَّمِّ "شُـ"ـلْشُلا
يريد: {حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ} 4.
وفي الأنفال: {لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ} ؛ أي: يميز هنا مع حرف الأنفال اكسر الياء الساكنة، وشددها بعد الفتح في الميم والضم في الياء وماز يميز