سبق نظيرهما في: {تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ} في آخر الأنعام، واللفظ الفاصل هنا بين الفعل والفاعل أكثر منه ثم فلهذا كان الأكثر هنا على التذكير وثم على التأنيث، والمُلا بضم الميم جمع ملاءة وهي الملحفة كنى بذلك عن الحجج، وقد سبق أيضا تفسيره.
720-
وَبِالغَيْب فِيهَا تَحْسَبَنَّ "كَـ"ـمَا "فَـ"ـشَا
... "عَـ"ـمِيمًا وَقُلْ فِي النُّورِ "فَا"شِيهِ "كَـ"ـحَّلا
يريد: "ولا تحسبن الذين كفروا سبقوا"1، فقراءة الخطاب ظاهرة، "الذين كفروا سبقوا" مفعول بلا تحسبن والخطاب للنبي -صلى الله عليه وسلم- وأما القراءة بالغيب فعلى تقدير: ولا يحسبن الرسول أو حاسب، فبقي الذين كفروا سبقوا: مفعولين كما ذكرنا وقيل: الذين كفروا فاعل يحسبن، وسبقوا: المفعول الثاني والأول محذوف تقديره: إياهم سبقوا، كذا قدره أبو علي، وهو معنى تقدير أبي عبيد وغيره حين قالوا: لا تحسبنهم سبقوا، وقيل سد سبقوا مسد المفعولين على تقدير أنهم سبقوا أو أن سبقوا أو بأن قدره أبو علي أيضا، ثم حذفت أن واسمها اختصارا للعلم بمكانها، ومعنى سبقوا فاتوا كما قال سبحانه في موضع آخر: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا} .
والذي في النور: "لا يحسبن الذين كفروا معجزين في الأرض"2، يتوجه فيه جميع الوجوه المذكورة إلا الأخير منها وهو تقدير: أنهم سبقوا؛ لأن لفظ معجزين منصوب نعم يقوم مقامه وجه آخر لا يتأتى هناك، وهو أن يكون معجزين: مفعولا أولا وفي الأرض: مفعولا ثانيا؛ أي: لا تحسبن أن في الأرض من يعجز الله، وقوله: عميما حال من الضمير في فشا ومعناه اشتهر في حال عمومه يشير إلى أنه مقدر بقولنا لا يحسبن أحد وكحلا بالتشديد مبالغة في كحل عينه استعاره هنا على أنه شفا أو بصر ونور وهدى ونحو ذلك والله أعلم.
721-
وَإِنَّهُمُ افْتَحْ "كَـ"ـاِفيًا وَاكْسِرُوا لِشُعْـ
... ـبَةَ السَّلْمَ وَاكْسِرْ فِي القِتالِ "فَـ"ـطِبْ "صِـ"ـلا
يريد {إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ} 3، كسره على الاستئناف والفتح على تقدير: لأنهم، وقيل: هو مفعول لا يحسبن على تقدير أن "لا" زائدة؛ لأن ابن عامر الذي فتح أنهم يقرأ "لا يحسبن" بالغيب، وتكون زيادة "لا" هنا كما سبق في الأنعام.