ابن العلاء". وقال أحمد بن حنبل في إحدى الروايات عنه: قراءة أبي عمرو أحب القراءات إلي، هي قراءة قريش، وقراءة الفصحاء.
الرابع: أبو عمران: عبد الله بن عامر الدمشقي رحمه الله تعالى، هو أسن القراء السبعة وأعلاهم إسنادا: قرأ على جماعة من الصحابة: حتى قيل إنه قرأ على عثمان بن عفان رضي الله عنه، وأنه ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم. وممن قرأ هو عليه من الصحابة: معاوية، وفضالة بن عبيد، وواثلة بن الأسقع، وأبو الدرداء -رضي الله عنهم. فلما مات أبو الدرداء خلفه ابن عامر وقام مقامه، واتخذه أهل الشام إماما، وحديثه مخرج في صحيح مسلم. ومن رواته الآخذين عن أصحاب أصحابه: هشام بن عمار أحد شيوخ أبي عبد الله البخاري رحمهم الله.
الخامس: أبو بكر عاصم بن أبي النجود الكوفي رحمه الله. قرأ على أبي عبد الرحمن السلمي، وزر بن حبيش، وكانا من أصحاب عثمان، وعلى، وابن مسعود، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت -رضي الله عنهم على تفصيل في ذلك.
وجلس عاصم للإقراء بعد وفاة أبي عبد الرحمن. وروى عنه الحديث والقرآن قبل سنة مائة. وكانت قراءته عندهم جليلة خطيرة مختارة. وقال صالح بن أحمد بن حنبل: سألت أبي: أي القراءات أحب إليك؟ قال: قراءة نافع. قلت: فإن لم توجد. قال: قراءة عاصم. وفي رواية أخرى قال: أهل الكوفة يختارون قراءته وأنا أختارها.
السادس: أبو عمارة حمزة بن حبيب الزيات رحمه الله، من رجال صحيح مسلم، وهو إمام أهل الكوفة بعد عاصم: قرأ عليه جماعة من أئمة أهل الكوفة وأثنوا عليه في زهده وورعه، منهم سفيان الثوري، وشريك بن عبد الله، وشعيب بن حرب، وعل بن صالح، وجرير بن عبد الحميد، ووكيع وغيرهم. ولم يوصف أحد من السبعة القراء بما وصف به حمزة من الزهد والتحرز عن أخذ الأجر على القرآن، حتى إن جرير بن عبد الحميد قال: مر بي حمزة الزيات في يوم شديد الحر، فعرضت عليه الماء؛ ليشرب فأبى؛ لأني كنت أقرأ عليه القرآن.
السابع: أبو الحسن علي بن حمزة الكسائي إمام نحاة الكوفة عنه أخذ القراء وغيرهم، وانتهت إليه الرياسة في القراءة بعد حمزة، وبلغ عند هارون الرشيد منزلة عظيمة: وكان الناس يأخذون عنه ألفاظه بقراءته عليهم، وينقطون مصاحفهم بقراءته. وقال الإمام الشافعي رضي الله عنه: من أراد أن يتبحر في النحو فهو عيال على الكسائي. وقال إسماعيل بن جعفر المدني، وهو من كبار أصحاب نافع: ما رأيت أقرأ لكتاب الله من الكسائي. ورؤي رحمه الله في المنام، فقيل له: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي، وفي رواية: رحمني ربي بالقرآن، وفي رواية: إلى ماذا صرت؟ قال: إلى الجنة، قيل له: ما فعل حمزة الزيات، وسفيان الثوري؟ قال: فوقنا، ما نراهم إلا كالكوكب الدري. وفي أخرى قال: غفر لي وأكرمني، وجمع بيني وبين النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فقال: ألست عليَّ بن حمزة الكسائي؟ فقلت: نعم1، فقال: اقرأ، فقرأت:
{وَالصَّافَّاتِ صَفًّا} حتى بلغت {شِهَابٌ ثَاقِبٌ} 2.
فقال لي: لأباهين بك الأمم يوم القيامة. فهؤلاء هم السبعة القراء الذي أطبق عليهم أهل الأداء.