أنه المنفرد بعلم الساعة وإنزال الغيث وعلم ما في الأرحام وما يقع من المكتسبات وحيث يموت كل المخلوقات.
ولما كانت سورة لقمان بما بين من مضمنها محتوية من التنبيه
والتحريك على ما ذكر، ومعلمة بانفراده سبحانه بخلق الكل وملكهم أتبعها تعالى بما يحكم بتسجيل صحة الكتاب وأنه من عنده وأن ما انطوى عليه من الدلائل والبراهين يرفع كل ريب ويزيل كل شك فقال: "الم تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ"
أى أيقع منهم هذا بعد وضوحه وجلاء شواهده، ثم أتبع ذلك بقوله ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع "
وهو تمام لقوله: "ومن يسلم وجهه إلى الله " ولقوله: "ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله " ولقوله: "وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين "
ولقوله: "ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون "
بما ذكرتم، ألا ترون أمر لقمان وهدايته بمجرد دليل فطرته فمالكم بعد التذكير وتقريع الزواجر وترادف الدلائل وتعاقب الآيات
متوقفون عن السلوك إلى ربكم وقد أقررتم بأنه خالقكم ولجأتم إليه عند
احتياجكم.
ثم أعلم نبيه - صلى الله عليه وسلم - برجوع من عاند وإجابته حين لا ينفعه رجوع ولا يغنى عنه إجابة فقال: "وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ"
ثم أعلم سبحانه أن الواقع منهم إنما هو بإرادته وسابق من حكمه
ليأخذ الموفق الموقن نفسه بالتسليم فقال: "وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا"