فقد أعطي داود وسليمان عليهما السلام ما هو كالنقطة في البحار
الزاخرة فلان الحديد وانقادت الرياح والوحوش والطير والجن والإنس مذللة
خاضعة (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ (22)
تعالى ربنا عن الظهير والشريك والند، وتقدس ملكه عن أن تحصي العقول أو تحيط به الأفهام، فتجردت سورة سبأ لتعريف العباد بعظيم ملكه سبحانه، وتجردت هذه الأخرى للتعريف بالاختراع والخلق، وشهد لهذا استمرار آي سورة فاطر على هذا الغرض من التعريف وتنبيهها على الابتداءات كقوله تعالى: "جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة
.... الآية " وقوله: "ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها
... هل من خالق غير الله يرزقكم " (آية: 2) وقوله: "أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا
.... الآية " (آية: 8) وقوله: "الله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا
... الآية " "والله خلقكم من تراب "
"يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ" (آية: 13) ، "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا"
"هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ" (آية: 39) "إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا".
فهذه عدة آيات معرفة بابتداء الخلق والاختراع أو مشيرة، ولم يقع من ذلك
في سورة سبأ آية واحدة، ثم إن سورة سبأ جرت آيها على نهج تعريف الملك والتصرف والاستبداد بذلك والإبداء به، وتأمل افتتاحها وقصة داود وسليمان وقوله سبحانه: "قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة
... الآيات "
يتضح لك ما ذكرناه وما انجر في السورتين مما ظاهره الخروج