استمرار المراد لأحدهم وذكر قبيح اعتذارهم بقولهم: " ما نعبدهم إلا
ليقربونا إلى الله زلفى"، ثم أعقب تعالى بالإعلام بقهره وعزته حتى لا
يتخيل مخذول شذوذ أمر عن يده وقهره فقال تعالى: "أليس الله بكاف عبده
(إلى قوله) : أليس الله بعزيز ذي انتقام " (الزمر: 36 - 37) ، ثم أتبع ذلك بحال أندادهم في أنها لا تضر ولا تنفع فقال: "قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ".
ثم أتبع هذا بما يناسبه من شواهد عزته فقال: "قل لله الشفاعة جميعا"
"قل اللهم فاطر السماوات والأرض " "أولم يعلموا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر" "اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (62) لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ"
ثم عنفهم وقرعرهم فقال تعالى: (أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ (64) .
ثم قال تعالى: "وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ".
ثم أتبع تعالى بذكر آثار العزة والقهر فذكر النفخ في الصور للصعق، ثم نفخة القيام والجزاء ومصير الفريقين فتبارك المنفرد بالعزة والقهر.
فلما انطوت هذه الآي من آثار عزته وقهره على ما أشير إلى بعضه أعقب ذلك بقوله: "حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم " فذكر من أسمائه
سبحانه هذين الاسمين العظيمين تنبيها على انفراده بموجبهما وأنه العزيز الحق
القاهر للخلق لعلمه تعالى بأوجه الحكمة التي خفيت عن الخلق فأخر الجزاء الحتم للدار الآخرة، وجعل الدنيا دار ابتلاء واختبار مع قهره للكل في الدارين معا