أصناف ثلاثة وهم: اليهود، والنصارى، وأهل الشرك، وبهم يلحق سائر من تنكب فيلحق باليهود منافقو أمتنا ممن ارتاب بعد إظهار إيمانه وفَعل أفاعيلهم من المكر والخديعة والاستهزاء، ويلحق بالنصارى من اتصف بأحوالهم، وبالمشركين من جعل لله ندا (أو اعتقد) فعلا لغيره تعالى على غير طريقة الكسب، والمجوس لاحقون بأهل الشرك، والشرك أكثر هذه الطرق السيئة تشعبا، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -:
"الشرك في أمتي أخفى من دبيب النمل "،
ومن فعل أفعال من ذكر ولم ينته به الأمر إلى مفارقة دينه والخروج في شيء من اعتقاده خيف عليه أن يكون ذلك وسيلة إلى اللحوق بمن تشبه به وإلى هذا أشار عليه السلام بقوله "أربع من كن فيه كان منافقا خالصا".
إلى أشباه هذا من الأحاديث.
ثم ذكر تعالى من أول آية "ليس البر" (177) ما لزم - المتقين لما بين لهم ما
هو خروج عن الصراط المستقيم، وحذروا منها عقب ذكر ما يلزمهم، فابتدىء من هناك بذكر الأحكام إلى قوله: "آمن الرسول " خاتمة السور، وفصل لهم كثيرا مما كلفوه، فذكر الإيمان وفصل تفصيلا لم يتقدم، وأعقب بذكر الصدقة وموقعها على التفصيل، وفي ذكر إتيان المال عقب الإيمان إشعارا بما فيه السلامة من فتنة المال
"إنما أموالكم وأولاكم فتنة" التغابن: 15) ، وإشارة من الآية إلى أنه يبعد حب المال بل يستحيل وجوده ممن أحب الله سبحانه، وأن محبة الله تعالى تهون عليه كل شىء "لا تمدن عينيك
.... إلى "لا نسألك رزقا" (طه: 131 - 132) ، ثم ذكر الزكاة والصيام والحج والجهاد إلى غير ذلك من الأحكام كالنكاح والطلاق والعدد والحيض والرضاع والحدود والربا والبيوع إلى ما تخلل هذه الآيات من تفاصيل