"والله عليم بذات الصدور" إلى ما قبله وما بعده من الآيات إلى سوء جهل المنافقين وعظيم حرمانهم في قولهم بألسنتهم ما لم تنطو عليه قلوبهم "والله يشهد إن المنافقين لكاذبون "
واتخاذهم إيمانهم جُنّة إلى ما وصفهم سبحانه به، فافتتح تعالى سورة التغابن بتنزيهه عما توهموه من مرتكباتهم التي لا تخفى عليه -
سبحانه "ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم " (التوبة: 78) ثم قال تعالى:
"ويعلم ما تسرون وما تعلنون " (التغابن: 4) فقرع ووبخ في عدة آيات، ثم أشار إلى ما منعهم من تأمل الآيات وصدهم عن اعتبار المعجزات وأنه الكبر المهلك غيرهم، فقال تعالى مخبرا عن سلفهم في هذا المرتكب ممن أعقبه ذلك أليم العذاب وسوء المنقلب "ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا"
ثم تناسج الكلام معرفا بمآلهم الأخروي ومآل غيرهم إلى قوله "وبئس
المصير" (التغابن: 15) ومناسبة ما بعد يتبين في التفسير بحول الله.
سورة الطلاقلما تقدم قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ"
وقوله في التغابن: "إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ"
وقوله تعالى: "إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ"
والمؤمن قد يعرض له ما يضطره إلى فراق من نبه على فتنته وعظيم محنته،
وردت هذه السورة منبهة على كيفية الحكم في هذا الافتراق، وموضحة أحكام الطلاق، وأن هذه العداوة وإن استحكمت ونار هذه الفتنة وإن اضطرمت، لا توجب التبري بالجملة وقطع المعروف "لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا"
ووصى سبحانه بالإحسان المجمل في قوله: "أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ".