وبين تفصيل ذلك وما يتعلق به فهذا الرفق المطلوب بإيقاع
الطلاق في أول ما تستعده المطلقة في عدتها وتحسبه من مدتها تحذيرا من وقوع
الطلاق في الحيض الموجب طول العدة وتكثير المدة، وأكد سبحانه هذا بقوله:"واتقوا الله ربكم " ثم نبه سبحانه على حقهن أيام العدة من الإبقاء
في مستقرهن حين إيقاع الطلاق إلى انقضاء العدة فقال: "لا تخرجوهن من
بيوتهن "
إلى ما استمرت عليه السورة من بيان الأحكام المتعلقة بالطلاق وتفصيل ذلك كله، ولما كان الأولاد إذا ظهر منهم ما يوجب فراقهم وإبعادهم غير مفترقين إلى ما سوى الرفض والترك بخلاف المرأة لم يحتج إلى ما احتيج إليه في حقهن فقد وضح وجه ورود سورة الطلاق في هذا الموضع والله أعلم.
سورة التحريملا خفاء بشدة اتصال هذه السورة بسورة الطلاق لاتحاد مرماهما وتقارب
معناهما: وقد ظن أنه - صلى الله عليه وسلم - طلق نساءه حين اعتزل في الشرفة حتى سأله عمر رضى الله عنه، والقصة معروفة، وتخييره - صلى الله عليه وسلم - إياهن إثر ذلك وبعد اعتزالهن شهرا كاملا، وعتب الله تعالى عليهن في قوله: "وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ "
وقوله: "عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ
..... الآية ".
فهذه السورة وسورة الطلاق أقرب شيء وأنسبه لسورة الأنفال
وبراءة لتقارب المعاني والتحام المقاصد.