الأحكام ومجملها، وقدم منها الوفاء بالعهد والصبر، لأن ذلك يحتاجِ إليه في كل الأعمال، وما تخلل هذه الآيات من لدن قوله: "وليس البر" إلى قوله "آمن الرسول "
مما ليس من قبيل الإلزام. والتكليف فلسبب أوجب ذكره
ولتعلق أو نسق استدعاه
ولما بين سبحانه أن الكتاب هو الصراط المستقيم، وذكر افتراق الأمم
كما شاء، وأحوال الزائغين والمتنكبين تحذيرا من حالهم ونهيا عن مرتكبهم وحصل قبيل التروك بجملته وانحصار التاركين، وأعقب بذكر ملتزمات المتقين وما ينبغي لهم امتثاله والأخذ به من الأوامر والأحكام والحدود، أعقب ذلك بأن المرء يجب أن ينطوي على ذلك ويسلم الأمر لمالكه فقال تعالى: "آمن الرسول "
فاعلم أن هذا إيمان الرسول ومن كان معه على إيمانه وأنهم قالوا:.
"سمعنا وأطعنا"
لا كقول بني إسرائيل "سمعنا عصينا"
وأنه أثابهم على إيمانهم برفع الإصر والمشقة والمؤاخذة بالخطأ والنسيان عنهم فقال: "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها"
فحصل من هذه السورة بأسرها بيان الصراط المستقيم على الاستيفاء والكمال.
أخذا وتركا، وبيان شرف من أخذ به، وسوء حال من تنكب عنه، وكأن العباد لما عُلِّموا (أن يقولوا) اهدنا الصراط المستقيم إلى آخر السورة قيل لهم عليكم بالكتاب إجابة لسؤالهم، ثم - بين لهم حال من سلك ما طلبوه، فكان قد قيل لهم أهل الصراط المستقيم وسالكوه هم الذين من شأنهم وأمرهم، والمغضوب عليهم من المتنكبين هم اليهود الذين من أمرهم وشأنهم، والضالون هم النصارى الذين من شأنهم وأمرهم.