لحارثة: (عرفت فالزم)
وقال مثله للصديق، وقال تعالى: "لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ"، "إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ"
فلم يبق في حق هؤلاء ذلك الإبهام ولا كدر خواطرهم بتكاثف ذلك الإظلام بما منحهم سبحانه من نعمة الإحسان بما وعدهم في قوله: "يجعل لكم فرقانا" "ويجعل لكم نورا تمشون به "
"أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا"
فعمل هؤلاء على بصيرة، واستدلوا اجتهادا بتوفيق ربهم على أعمال جليلة خطيرة فقطعوا عن الدنيا الآمال وتأهبوا لآخرتهم بأوضح الأعمال "تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ"، "فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ"
، فلابتداء الأمر وشدة الإبهام والإظلام ما أشار إليه قوله سبحانه
وتعالى: "والليل إذا يغشى" ولما تؤول إليه الحال في حق من كتب
في حقه الإيمان وأيده بروح منه أشار قوله سبحانه: "والنهار إذا تجلى" ولانحصار السبيل وإن تشعبت في طريقين: "فمنكم كافر ومنكم مؤمن "
"فريق في الجنة وفريق في السعير"
أشار قوله تعالى: "وما خلق الذكر والأنثى"، "ومن كل شىء خلقنا زوجين "، ففروا إلى الله الواحد مطلقا، فقد وضح لك إن شاء الله
بعض ما ليس من تخصيص هذا القسم والله أعلم.
أما سورة الضحى فلا إشكال في مناسبة استفتاح القسم بالضحى بما يسره
له سبحانه لا سيما إذا اعتبرت ما ذكر من سبب نرول السورة، وأنه - صلى الله عليه وسلم - فتر عنه الوحى حتى قال بعض الكفار: قلا محمدا ربُّه، فنزلت السورة مسفرة عن هذه النعمة والبشارة.