وتأمل هذا الإيماء بعد ذكر القصص كيف الحق من كذب رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - من العرب وغيرهم (ممن) قص ذكره من المكذبين، وتأمل افتتاح ذكر الأشقياء بقصة إبليس وختمها بقصة بلعام وكلاهما ممن كفر على علم، وفي ذلك أعظم موعظة، قال الله تعالى إثر ذلك "من يهد الله فهو المهتدى
... الآية " فبدأ الاستجابة لنبيه بذكر ما أنعم به عليه وعلى من استجاب له فقال تعالى: "المص كتاب أنزل إليك " فأشار إلى نعمته بإنزال
الكتاب الذي جعله هدى للمتقين، وأشار هنا إلى ما يحمله على التسلية وشرح الصدور بما حوى من العجائب والقصص مع كونه هدى ونورا فقال "فلا يكن في صدرك حرج منه " أي أنه قد تضمن مما احلناك عليه ما يرفع الحرج ويسلي النفوس لتنذر به كما أنذر من قبلك ممن نقص خبره من الرسل ولتستن في إنذارك ودعائك وصبرك بسنتهم وليتذكر المؤمنون.
ثم أمر عباده بالاتباع لما أنزله فقال: "اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم "
فإن هلاك من نقص عليكم خبره من الأمم إنما كان لعدم الاتباع
والركون إلى أوليائهم من شياطين الجن والإنس، ثم أتبع تعالى ذلك بقصة
آدم عليه السلام ليتبين لعباده ما جرت به سنته فيهم من تسلط الشيطان
وكيده وأنه عدو لهم (يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ)
ووقع في قصة آدم هنا ما لم يقع في قصة البقرة من بسط ما أجمل
هناك، كتصريح اللعين بالحسد، وتصور خيريته بخلقه من النار وطلبه