على عرشه فوق سمواته، يصعد إليه الكَلِمُ الطَّيِّبُ، وتُرفَعُ إليه الأيدي، وتَعْرُجُ الملائكةُ والرُّوحُ إليه، ونحو ذلك (1).
وكذلك من حَلَفَ لشخصِ أنَّه يُحِبُّهُ ويُعَطمُه، فقال: والذي ملأ قلبي من محبتِكَ وإجلالِكَ ومَهَابتِكَ
... ؛ ونظائر ذلك = لم يحتج إلى ذكر الجواب، وكان في المُقْسَم به ما يدلُّ على المُقْسَمِ عليه.
فمن هذا قوله ز/ 4 تعالى: {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (1)} ص/ 1،
فإنَّ في المُقْسَم به من تعظيم القرآن، ووَصْفِه بأنَّه ذُو الذِّكر -المتضمِّن لتذكير العباد ما يحتاجون إليه-، وللشَّرَفِ، والقَدْر = ما يدلُّ على المُقْسَم عليه، وهو كونه حقًّا من عند الله، غير مفترىً كما يقوله الكافرون.
هذا معنى قول كثير من المفسِّرين -متقدِّميهمِ ومتأخِّريهم-: إنَّ الجوابَ محذوفٌ، تقديرُه: إنَّ القرآن لَحَقٌّ. وهذا مطَّرد في كلِّ ما شابَهَ ذلك.
وأمَّا قول بعضهم (2): إنَّ الجوابَ قوله تعالى: {كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ} ص/ 3 فاعتَرَضَ بين القَسَم وجوابه بقوله: {بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ (2)} ص/ 2 = فبعيدٌ؛ لأنَّ "كَمْ" لا يُتَلَقَّى بها القَسَم، فلا تقول: واللهِ كم أنفقتُ مالاً، وباللهِ كم أعتقتُ عبدًا.
وهؤلاء لمَّا لم يخْفَ عليهم ذلك احتاجوا إلى أن يقدِّروا "لامًا"