ابن أبى رواد، عن ابن جريج، عن المطَّلب بن عبد الله بن حنطب، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عُرِضَتْ عليَّ أجور أمتى، حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد، وعُرِضَتْ عليَّ ذنوب أمتى فلم أر ذنبًا أعظم من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجل ثم نَسِيَهَا".
قال الترمذى: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وذاكرت به البخارى فاستغربه.
وحكى البخاري عن عبد الله بن عبد الرحمن الدارمى أنه أنكر سماع المطلب من أنس بن مالك.
"قلت": وقد رواه محمد بن يزيد الآدمى، عن ابن أبى رواد، عن ابن جريج، عن الزهرى، عن أنس؛ عن النبى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- به، فالله أعلم.
وقد أدخل بعض المفسرين هذا المعنى فى قوله تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى، قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا، قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} طه: 124-126 .
وهذا الذى قاله هذا وان لم يكن هو المراد جميعه فهو بعضه، فإن الإعراض عن تلاوة القرآن وتعريضه للنسيان وعدم الاعتناء به؛ فيه تهاون كبير وتفريط شديد، نعوذ بالله منه.
ولهذا قال -عليه السلام: "تعاهدوا القرآن" , وفى لفظ: "استذكروا القرآن، فإنه أشد تفصِّيًا من صدور الرجال من النَّعَم".
التفصي: التَّخَلُّص، يقال: تفصَّى فلان من البلية؛ إذا تخلَّصَ منها، ومنه: تفصَّى النوى من الثمرة؛ إذا تخلص منها، أي: أن القرآن أشد تفلتا من الصدور من النَّعَم إذا أرسلت من غير عقال.