هذه الآية: {وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} وفي سورة الأنبياء عليهم السلام: {وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} (١).

فالجواب: أن يقال: هذه الآية كما تقدّم خطاب للرّسل - عليهم السلام - وهم لا شك عابدون فخوطبوا بما يخاطب به المؤمنون والصالحون قال الله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ} في مواضع أي احترزوا بطاعتي عمّا أعددته لأهل معصيتي، فكان ذكر التقوى هنا أليق وبالمعنى ألبق، وأمّا التي في سورة الأنبياء فالخطاب بها للفرق التي تفرّقت في طرق الباطل من أمم الأنبياء - عليهم السلام - والمعنى وأنّ هذه أمتكم في حال كونهم جماعة واحدة وعلى دين واحد في أصول الشّرع كالتوحيد وصفات الله تعالى وإثبات النّبوات فمتى تفرّقوا في طرق الباطل فليس بينكم وبينهم نسب (وأنا ربّكم) أي القائم بمصالحكم، أنا لا غيري، فاعبدوني وحدي فكان ذكر العبادة هنا أوجب والمعنى به أنسب، هذّبته من كلام الأردستاني (٢) - رحمه الله -.

٥٣ {فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ.}

(عس) (٣) يعني اليهود (٤) والنّصارى، وقيل (٥): المراد بهم أهل مكة والله أعلم.

٦٤ {حَتّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذابِ.}

(١) سورة الأنبياء: آية: ٩٢.
(٢) انظر: درة التنزيل: ٣٠٤.
(٣) التكميل والإتمام: ٦٢ أ.
(٤) أخرجه الطبري في تفسيره: ١٨/ ٢٩، ٣٠ عن قتادة ومجاهد وابن زيد، وذكره ابن الجوزي في زاد المسير: ٥/ ٤٧٨ عن مجاهد وأورده السيوطي في الدر المنثور: ٦/ ١٠٣ ونسبه لعبد بن حميد وابن المنذر وابن جرير وابن أبي حاتم كلهم عن مجاهد.
(٥) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير: ٥/ ٤٧٥ عن ابن السائب وذكره أبو حيان في البحر المحيط: ٦/ ٤٠٩.