وأما قول الشاعر الْيَمَامَةِ:
* وَأَنْتَ غَيْثُ الْوَرَى لَا زِلْتَ رَحْمَانَا *
فَهُوَ مِنْ كُفْرِهِمْ وَتَعَنُّتِهِمْ كَذَا أَجَابَ بِهِ الزمخشري
ورده بعضهم بأن النعت لَا يَدْفَعُ وُقُوعَ إِطْلَاقِهِمْ وَغَايَتُهُ أَنَّهُ ذَكَرَ السَّبَبَ الْحَامِلَ لَهُمْ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَإِنَّمَا الْجَوَابُ أَنَّهُمْ لَمْ يَسْتَعْمِلُوا الرَّحْمَنَ الْمُعَرَّفَ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ وَإِنَّمَا اسْتَعْمَلُوهُ مُضَافًا وَمُنَكَّرًا وَكَلَامُنَا إِنَّمَا هُوَ فِي الْمُعَرَّفِ بِاللَّامِ
وَأَجَابَ ابْنُ مَالِكٍ بِأَنَّ الشَّاعِرَ أَرَادَ " لَا زِلْتَ ذَا رَحْمَةٍ " وَلَمْ يرد بالاسم الْمُسْتَعْمَلَ بِالْغَلَبَةِ
وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَعْرِفُ هَذَا الِاسْمَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فله الأسماء الحسنى} وأما قوله: {وما الرحمن} فَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: إِنَّمَا جَهِلُوا الصِّفَةَ دُونَ الْمَوْصُوفِ وَلِذَلِكَ لَمْ يَقُولُوا "وَمَنِ الرَّحْمَنُ"
وَذَكَرَ الْبُرْزَابَاذَانِيُّ أَنَّهُمْ غَلِطُوا فِي تَفْسِيرِ الرَّحْمَنِ حَيْثُ جَعَلُوهُ بِمَعْنَى الْمُتَّصِفِ بِالرَّحْمَةِ
قَالَ: وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ الملك العظيم العادل لدليل: {الملك يومئذ الحق للرحمن} إِذِ الْمُلْكُ يَسْتَدْعِي الْعَظَمَةَ وَالْقُدْرَةَ وَالرَّحْمَةَ لِخَلْقِهِ لَا أَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسجدوا للرحمن} وَإِنَّمَا يَصْلُحُ السُّجُودُ لِمَنْ لَهُ الْعَظَمَةُ وَالْقُدْرَةُ و {إني أعوذ بالرحمن} وَلَا يُعَاذُ إِلَّا بِالْعَظِيمِ الْقَادِرِ عَلَى الْحِفْظِ والذب