قَالَ ابْنُ جِنِّي: كُلُّ حَرْفٍ زِيدَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ فَهُوَ قَائِمٌ مَقَامَ إِعَادَةِ الْجُمْلَةِ مَرَّةً أُخْرَى وَبَابُهَا الْحُرُوفُ وَالْأَفْعَالُ.
كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فبما نقضهم ميثاقهم} . {فبما رحمة من الله} .
وَقَوْلِهِ: {قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي المهد صبيا} قِيلَ: كَانَ هَاهُنَا زَائِدَةٌ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ فِيهِ إِعْجَازٌ لِأَنَّ الرِّجَالَ كُلُّهُمْ كَانُوا فِي الْمَهْدِ، وَانْتَصَبَ صَبِيًّا عَلَى الْحَالِ.
وَقَالَ ابْنُ عُصْفُورٍ: هِيَ فِي كَلَامِهِمْ زِيدَتْ فِي وَسَطِ الْكَلَامِ لِلتَّأْكِيدِ وَهِيَ مُؤَكِّدَةٌ لِلْمَاضِي فِي قَالُوا .
وَمِنْهُ زِيَادَةُ أَصْبَحَ قَالَ حَازِمٌ: إِنْ كَانَ الأمر الذي ذكر أنه فيه أصبح يَكُنْ أَمْسَى فِيهِ فَلَيْسَتْ زَائِدَةً وَإِلَّا فَهِيَ زائدة كقوله: أَصْبَحَ الْعَسَلُ حُلْوًا.
وَأَجَابَ الرُّمَّانِيُّ عَنْ قَوْلِهِ: {فأصبحوا خاسرين} فَإِنَّ الْعَادَةَ أَنَّ مَنْ بِهِ عِلَّةٌ تُزَادُ عَلَيْهِ بِاللَّيْلِ يَرْجُو الْفَرَجَ عِنْدَ الصَّبَاحِ فَاسْتَعْمَلَ أَصْبَحَ لِأَنَّ الْخُسْرَانَ جُعِلَ لَهُمْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَرْجُونَ فِيهِ الْفَرَجَ فَلَيْسَتْ زَائِدَةً.
وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ غَيْرِهِ إِنَّهَا تَأْتِي لِلدَّوَامِ وَاسْتِمْرَارِ الصِّفَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مساكنهم} ، {وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس} .
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كظيم} فَهُوَ عَلَى الْأَصْلِ لِظُهُورِ الصِّفَةِ نَهَارًا وَالْمُرَادُ الدَّوَامُ أَيْضًا أَيِ اسْتَقَرَّتْ لَهُ الصِّفَةُ نَهَارَهُ.