وَإِذَا كَانُوا قَدْ زَادُوا لَا فِي الْمُوجَبِ الْمَعْنَى لَمَا تَوَجَّهَ عَلَيْهِ فِعْلٌ مَنْفِيٌّ فِي الْمَعْنَى كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ} ،الْمَعْنَى أَنْ تَسْجُدَ ، فَزَادَ لَا تَأْكِيدًا لِلنَّفْيِ الْمَعْنَوِيِّ الَّذِي تَضَمَّنَهُ مَنَعَكَ فَكَذَلِكَ تُزَادُ لَا فِي الْعِلْمِ الْمُوجَبِ تَوْكِيدًا لِلنَّفْيِ الَّذِي تَضَمَّنَهُ الْمُوَجَّهُ عَلَيْهِ.
قَالَ الشَّلُوبِينُ: وَأَمَّا زِيَادَةُ لَا في قوله: {لئلا يعلم أهل الكتاب} ،فَشَيْءٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ سِيبَوَيْهِ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تُحْمَلَ الْآيَةُ إِلَّا عَلَى زِيَادَةِ لَا فِيهَا لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ مِنَ الْكَلَامِ وَمَا بَعْدَهُ يَقْتَضِيهِ.
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَاصِمٍ وَالْحُمَيْدِيِّ: {لِيَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ جُبَيْرٍ لِكَيْ يَعْلَمَ وَهَاتَانِ الْقِرَاءَتَانِ تَفْسِيرٌ لِزِيَادَتِهَا وَسَبَبُ النُّزُولِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا وَهُوَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا يَقُولُونَ إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ مِنَّا وَكَفَرُوا مَعَ ذَلِكَ بِهِمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الكتاب} الآية.
ومنه: {ما منعك أن لا تسجد} ، بِدَلِيلِ الْآيَةِ الْأُخْرَى {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ} ،وَلَيْسَ الْمَعْنَى مَا مَنَعَكَ مِنْ تَرْكِ السُّجُودِ فَإِنَّهُ تَرْكٌ فَلَا يَسْتَقِيمُ التَّوْبِيخُ عَلَيْهِ.
وَقِيلَ: لَيْسَتْ بِزَائِدَةٍ مِنْ وَجْهَيْنِ:.
أَحَدُهُمَا: أَنَّ التَّقْدِيرَ مَا دَعَاكَ إِلَى أَلَّا تَسْجُدَ لِأَنَّ الصَّارِفَ عَنِ الشَّيْءِ دَاعٍ إِلَى تَرْكِهِ فَيَشْتَرِكَانِ فِي كَوْنِهِمَا مِنْ أَسْبَابِ عَدَمِ الْفِعْلِ.
الثَّانِي: أَنَّ التَّقْدِيرَ مَا مَنَعَكَ مِنْ أَلَّا تَسْجُدَ.