الثَّانِي: أَنَّهُ فَعَلَ كَذَا لِكَذَا أَوْ أَمَرَ بِكَذَا لِكَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرض} .
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا} .
{جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ} .
{لئلا يعلم أهل الكتاب} .
{وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لنعلم} .
{وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} .
{وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قلوبكم به} وَهُوَ كَثِيرٌ.
فَإِنْ قِيلَ: اللَّامُ فِيهِ لِلْعَاقِبَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} ،وقوله: {ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة} ،وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ لِأَنَّ أَفْعَالَ اللَّهِ تَعَالَى لَا تُعَلَّلُ.
فَالْجَوَابُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِنَا: إِنَّ أَفْعَالَ اللَّهِ تَعَالَى لَا تُعَلَّلُ أَيْ لَا تَجِبُ وَلَكِنَّهَا لَا تَخْلُو عَنِ الْحِكْمَةِ وَقَدْ أَجَابَ الْمَلَائِكَةَ عَنْ قَوْلِهِمْ: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يفسد فيها} بقوله: {قال إني أعلم ما لا تعلمون} .
وَلَوْ كَانَ فِعْلُهُ سُبْحَانَهُ مْجَرَّدًا عَنِ الْحِكَمِ وَالْغَايَاتِ لَمْ يَسْأَلِ الْمَلَائِكَةُ عَنْ حِكْمَتِهِ وَلَمْ يَصِحَّ الْجَوَابُ بِكَوْنِهِ يَعْلَمُ مَا لَا يَعْلَمُونَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَالْمَصَالِحِ وَفَرَّقَ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ،.