الْعَقْلَ لَا يُعَيِّنُ وَاحِدًا مِنْهَا بَلِ الْعَادَةُ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ الْمَحْذُوفَ هُوَ الثَّانِي فَإِنَّ الْحُبَّ لَا يُلَامُ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ لِأَنَّهُ يَقْهَرُهُ وَيَغْلِبُهُ وَإِنَّمَا اللَّوْمُ فِيمَا لِلنَّفْسِ فِيهِ اخْتِيَارٌ وَهُوَ الْمُرَاوَدَةُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى دَفْعِهَا.
وَمِنْهَا: أَنْ تَدُلَّ الْعَادَةُ عَلَى تَعْيِينِ الْمَحْذُوفِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لو نعلم قتالا} ، أَيْ مَكَانَ قِتَالٍ وَالْمُرَادُ مَكَانًا صَالِحًا لِلْقِتَالِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَخْبَرَ النَّاسِ بِالْقِتَالِ وَالْعَادَةُ تَمْنَعُ أَنْ يُرِيدُوا لَوْ نَعْلَمُ حَقِيقَةَ الْقِتَالِ فَلِذَلِكَ قَدَّرَهُ مُجَاهِدٌ: مَكَانَ قِتَالٍ .
وَقِيلَ: إِنَّ تَعْيِينَ الْمَحْذُوفِ هُنَا مِنْ دَلَالَةِ السِّيَاقِ لَا الْعَادَةِ.
وَمِنْهَا: أَنْ يَدُلَّ اللَّفْظُ عَلَى الْحَذْفِ وَالشُّرُوعِ فِي الْفِعْلِ عَلَى تَعْيِينِ الْمَحْذُوفِ كَقَوْلِهِ: {بِسْمِ الله} فَإِنَّ اللَّفْظَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فِيهِ حَذْفًا لِأَنَّ حَرْفَ الْجَرِّ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُتَعَلِّقٍ وَدَلَّ الشُّرُوعُ عَلَى تَعْيِينِهِ وَهُوَ الْفِعْلُ الَّذِي جُعِلَتِ التَّسْمِيَةُ فِي مَبْدَئِهِ مِنْ قِرَاءَةٍ أَوْ أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ وَنَحْوِهِ وَيُقَدَّرُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ مَا يَلِيقُ فَفِي الْقِرَاءَةِ أَقْرَأُ وَفِي الْأَكْلِ: آكُلُ وَنَحْوَهُ.
وَقَدِ اخْتُلِفَ هَلْ يُقَدَّرُ الْفِعْلُ أَوْ الِاسْمُ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَهَلْ يُقَدَّرُ عَامٌّ كَالِابْتِدَاءِ أَوْ خَاصٌّ كَمَا ذَكَرْنَا؟.
وَمِنْهَا: اللُّغَةُ كَضَرَبْتُ فَإِنَّ اللُّغَةَ قَاضِيَةٌ أَنَّ الْفِعْلَ الْمُتَعَدِّيَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مَفْعُولٍ نَعَمْ هِيَ تَدُلُّ عَلَى أَصْلِ الْحَدَثِ لَا تَعْيِينُهُ وَكَذَلِكَ حَذْفُ الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ.
وَمِنْهَا: تَقَدُّمُ مَا يَدُلُّ عَلَى الْمَحْذُوفِ وَمَا فِي سِيَاقِهِ كقوله: {وأبصر فسوف يبصرون} ، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ نَحْوَ: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تسجد} وفي موضع:.