وَقِيلَ: عُدِّيَ الْفِعْلُ إِلَى الضَّمِيرِ أَوَّلًا اتِّسَاعًا وَهُوَ قَوْلُ الْفَارِسِيِّ.
وَجَعَلَ الْوَاحِدِيُّ مِنْ هَذَا قَوْلَهُ تَعَالَى: {يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا} ، أَيْ مِنْهُ وَقَوْلَهُ: {مَا لِلظَّالِمِينَ من حميم ولا شفيع يطاع} أَيْ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْهُ.
وَفِيهِ نَظَرٌ، أَمَّا الْأُولَى فَلِأَنَّ يُغْنِي جُمْلَةٌ قَدْ أُضِيفَ إِلَيْهَا اسْمُ الزَّمَانِ وَلَيْسَتْ صِفَةً.
وَقَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ عَوْدَ ضَمِيرٍ إِلَى الْمُضَافِ مِنَ الْجُمْلَةِ الَّتِي أُضِيفَ إِلَيْهَا الظَّرْفُ غَيْرُ جَائِزٍ حَتَّى قَالَ ابْنُ السَّرَّاجِ: فَإِنْ قُلْتَ أَعْجَبَنِي يَوْمٌ قُمْتُ فِيهِ امْتَنَعَتِ الْإِضَافَةُ لِأَنَّ الْجُمْلَةَ حِينَئِذٍ صِفَةٌ وَلَا يُضَافُ مَوْصُوفٌ إِلَى صِفَتِهِ قَالَ ابْنُ مَالِكٍ وَهَذَا مِمَّا خَفِيَ عَلَى أَكْثَرِ النَّحْوِيِّينَ. وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَكَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنَّ {مَا للظالمين من حميم} صِفَةٌ لِيَوْمٍ الْمُضَافُ إِلَيْهَا الْأَزْمِنَةُ وَذَلِكَ مُتَعَذِّرٌ لِأَنَّ الْجُمْلَةَ لَا تَقَعُ صِفَةً لِلْمَعْرِفَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْجُمْلَةَ حَالٌ مِنْهُ ثُمَّ حُذِفَ الْعَائِدُ المجرور في كما يحذف من الصفة.
الثالث: الخبر، كقوله تعالى: {وكل وعد الله الحسنى} في قراءة ابن عامر.
الرابع: الحال.
تنبيه.
عن ابن الشجري في تفاوت أنواع الحذف .
قَالَ ابْنُ الشَّجَرِيِّ: أَقْوَى هَذِهِ الْأُمُورِ فِي الْحَذْفِ الصِّلَةُ لِطُولِ الْكَلَامِ فِيهَا لِأَنَّهُ أَرْبَعُ كَلِمَاتٍ نَحْوَ: جَاءَ الَّذِي ضَرَبْتُ وَهُوَ الْمَوْصُولُ وَالْفِعْلُ وَالْفَاعِلُ وَالْمَفْعُولُ ثُمَّ الصِّفَةُ لِأَنَّ الْمَوْصُوفَ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا أَتَى بِالصِّفَةِ لِلتَّوْضِيحِ ثُمَّ الْخَبَرِ لِانْفِصَالِهِ عَنِ الْمُبْتَدَأِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ مَحْكُومٌ عليه.