أَنَّ الْأُولَى اقْتَضَتْ نُزُولَ الْعَذَابِ بِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ فَلَمَّا تَضَمَّنَتِ التَّشَفِّيَ قِيلَ: أَبْصِرْهُمْ .
وَأَمَّا الثَّانِي فَالْمُرَادُ بِهَا يَوْمَ الْفَتْحِ وَاقْتَرَنَ بِهَا مَعَ الظُّهُورِ عَلَيْهِمْ تَأْمِينُهُمْ وَالدُّعَاءُ إِلَى إِيمَانِهِمْ فَلَمْ يَكُنْ وَقْتًا لِلتَّشَفِّي بَلْ لِلْبُرُوزِ فَقِيلَ لَهُ: أَبْصِرْ وَالْمَعْنَى: فَسَيُبْصِرُونَ مِنْكَ عَلَيْهِمْ.
وَقَوْلِهِ: {فهل وجدتم ما وعد ربكم} ، أَيْ وَعَدَكُمْ رَبُّكُمْ فَحُذِفَ لِدَلَالَةِ قَوْلِهِ قَبْلَهُ: {وما وعدنا ربنا} قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ.
وَقَدْ يُقَالُ: أَطْلَقَ ذَلِكَ لِيَتَنَاوَلَ كُلَّ مَا وَعَدَ اللَّهُ مِنَ الْحِسَابِ وَالْبَعْثِ وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ وَسَائِرِ أَحْوَالِ الْقِيَامَةِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُكَذِّبُونَ بِذَلِكَ أَجْمَعَ وَلِأَنَّ الْمَوْعُودَ كُلَّهُ مِمَّا سَاءَهُمْ وَمَا نَعِيمُ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِلَّا عَذَابٌ لَهُمْ فَأَطْلَقَ لِذَلِكَ لِيَكُونَ مِنَ الضَّرْبِ الْآتِي.
وقوله: {أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية} .
وَمِنْهَا: رِعَايَةُ الْفَاصِلَةِ، نَحْوَ: {وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وما قلى} أَيْ مَا قَلَاكَ فَحُذِفَ الْمَفْعُولُ لِأَنَّ فَوَاصِلَ الْآيِ عَلَى الْأَلِفِ.
وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لِلِاخْتِصَارِ لِظُهُورِ الْمَحْذُوفِ قَبْلَهُ أَيْ أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ كَمَنْ أَقْسَى قَلْبَهُ فَحُذِفَ لِدَلَالَةِ {فَوَيْلٌ للقاسية} .
وَمِنْهَا: الْبَيَانُ بَعْدَ الْإِبْهَامِ كَمَا فِي مَفْعُولِ الْمَشِيئَةِ وَالْإِرَادَةِ، فَإِنَّهُمْ لَا يَكَادُونَ يَذْكُرُونَهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ} .
{ولو شاء الله لجمعهم على الهدى} .