الْعَزِيزِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هذا} . وَقَوْلِهِ: {فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ} . وَ {مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يجعله على صراط مستقيم} وَفِيمَا ذَكَرَهُ نَظَرٌ.
قُلْتُ: يَجِيءُ الذِّكْرُ فِي مفعول الإرادة أيضا إذ كَانَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لهوا} .
الثَّانِي: إِذَا احْتِيجَ لِعَوْدِ الضَّمِيرِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُذْكَرُ كَقَوْلِهِ: {لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ} فَإِنَّهُ لَوْ حُذِفَ لَمْ يَبْقَ لِلضَّمِيرِ مَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ.
وَقَدْ يُقَالُ: الضَّمِيرُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا عَادَ عَلَى مَعْمُولِ مَعْمُولِهِ.
الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ السَّامِعُ مُنْكِرًا لِذَلِكَ أَوْ كَالْمُنْكِرِ فَيَقْصِدُ إِلَى إِثْبَاتِهِ عِنْدَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُنْكِرًا فَالْحَذْفُ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ حَذْفَ مَفْعُولِ أراد و شاء لَا يُذْكَرُ إِلَّا لِأَحَدِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ.
التَّنْبِيهُ الثاني: في إنكار أبي حيان للقاعدة السابقة.
أَنْكَرَ الشَّيْخُ أَبُو حَيَّانِ فِي بَابِ عَوَامِلِ الْجَزْمِ مِنْ شَرْحِ التَّسْهِيلِ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ وَقَالَ غَلِطَ الْبَيَانِيُّونَ فِي دَعْوَاهُمْ لُزُومَ حَذْفِ مَفْعُولِ الْمَشِيئَةِ إِلَّا فِيمَا إِذَا كَانَ مُسْتَغْرَبًا وَفِي القرآن: {لمن شاء منكم أن يستقيم} {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ} وَلَهُمْ أَنْ يَقُولُوا: إِنَّ الْمَفْعُولَ هَاهُنَا عَظِيمٌ فَلِهَذَا صُرِّحَ بِهِ فَلَا غَلَطَ.