فَإِنَّهُ قَدْ قِيلَ: ظَاهِرُهُ نَفْيُ وُجُودِ الْهَمِّ مِنْهُمْ بِإِضْلَالِهِ وَهُوَ خِلَافُ الْوَاقِعِ فَإِنَّهُمْ هَمُّوا وَرَدُّوا الْقَوْلَ.
وَقِيلَ: قَوْلُهُ: {لَهَمَّتْ} لَيْسَ جَوَابَ لَوْ بَلْ هُوَ كَلَامٌ تَقَدَّمَ عَلَى لَوْ وَجَوَابُهَا مَقُولٌ عَلَى طَرِيقِ الْقَسَمِ وَجَوَابُ لَوْ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: {لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ} لَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ لَأَضَلُّوكَ.
وَقَوْلُهُ: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى برهان ربه} ، أَيْ هَمَّتْ بِمُخَالَطَتِهِ وَجَوَابُ لَوْلَا مَحْذُوفٌ، أَيْ لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ لَخَالَطَهَا.
وَقِيلَ: لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ لَهَمَّ بِهَا، والوقف على هذا {ولقد همت به} وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يَهِمَّ بِهَا.
ذَكَرَهُ أَبُو الْبَقَاءِ وَالْأَوَّلُ لِلزَّمَخْشَرِيِّ.
وَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ جَوَابِ لَوْ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الشَّرْطِ وَلِلشَّرْطِ صَدْرُ الْكَلَامِ.
وَقَوْلُهُ: {وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لمهتدون} جَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: {إِنَّا لَمُهْتَدُونَ} أَيْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ اهْتَدَيْنَا.
وَقَدْ تَوَسَّطَ الشَّرْطُ هُنَا بَيْنَ جُزْأَيِ الْجُمْلَةِ بِالْجَزَاءِ لِأَنَّ التَّقْدِيمَ عَلَى الشَّرْطِ فَيَكُونُ دَلِيلُ الْجَوَابِ مُتَقَدِّمًا عَلَى الشَّرْطِ وَالَّذِي حَسَّنَ تَقْدِيمَ الشَّرْطِ عَلَيْهِ الِاهْتِمَامُ بِتَعْلِيقِ الْهِدَايَةِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يكفون عن وجوههم النار} تَقْدِيرُهُ: لَمَا اسْتَعْجَلُوا فَقَالُوا مَتَى هَذَا الْوَعْدُ.