وقوله عَقِبَ آيَةَ اللِّعَانِ: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تواب حكيم} ، قَالَ الْوَاحِدِيُّ: قَالَ الْفَرَّاءُ: جَوَابُ لَوْ مَحْذُوفٌ لِأَنَّهُ مَعْلُومُ الْمَعْنَى وَكُلُّ مَا عُلِمَ فَإِنَّ الْعَرَبَ تَكْتَفِي بِتَرْكِ جَوَابِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّجُلَ يَشْتُمُ الرَّجُلَ فَيَقُولُ الْمَشْتُومُ: أَمَا وَاللَّهِ لَوْلَا أَبُوكَ.. فَيُعْلَمُ أَنَّكَ تُرِيدُ: لَشَتَمْتُكَ.
وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: تَأْوِيلُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ: لَهَلَكْتُمْ أَوْ لَمْ يَبْقَ لَكُمْ بَاقِيَّةٌ أَوْ لَمْ يَصْلُحْ أَمْرُكُمْ وَنَحْوُهُ مِنَ الْوَعِيدِ الْمُوجِعِ فَحُذِفَ لِأَنَّهُ لَا يُشْكِلُ.
وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الْمَعْنَى لَنَالَ الْكَاذِبَ مِنْكُمْ أَمْرٌ عَظِيمٌ وَهَذَا أَجْوَدُ مِمَّا قَدَّرَهُ الْمُبَرِّدُ.
وَكَذَلِكَ لَوْلَا الَّتِي بَعْدَهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رؤوف رحيم} ، جَوَابُهَا مَحْذُوفٌ وَقَدَّرَهُ بَعْضُهُمْ فِي الْأُولَى لَافْتَضَحَ فَاعِلُ ذَلِكَ وَفِي الثَّانِيَةِ: لَعَجَّلَ عَذَابَ فَاعِلِ ذَلِكَ وَسَوَّغَ الْحَذْفَ طُولُ الْكَلَامِ بِالْمَعْطُوفِ وَالطُّولُ دَاعٍ لِلْحَذْفِ.
وَقَوْلُهُ: {وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إلينا رسولا فنتبع آياتك} جَوَابُهَا مَحْذُوفٌ أَيْ لَوْلَا احْتِجَاجُهُمْ بِتَرْكِ الْإِرْسَالِ إِلَيْهِمْ لَعَاجَلْنَاهُمْ بِالْعُقُوبَةِ.
وَقَالَ مُقَاتِلٌ: تَقْدِيرُهُ: لَأَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ.
وَقَالَ الزَّجَّاجُ: لَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يُحْتَجْ إِلَى إِرْسَالِ الرَّسُولِ وَمُوَاتَرَةِ الِاحْتِجَاجِ.
وَقَوْلُهُ: {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي به لولا أن ربطنا على قلبها} أي لأبدت.