الْفَارِسِيُّ: الْمَعْنَى فَكَمَا كَرِهْتُمُوهُ فَاكْرَهُوا الْغِيبَةَ:" وَاتَّقُوا الله" عطف على قوله:" فاكرهوا" إن لَمْ يُذْكَرْ لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:" فانفجرت" أَيْ فَضَرَبَ فَانْفَجَرَتْ فَقَوْلُهُ:" كَرِهْتُمُوهُ" كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ وَإِنَّمَا دَخَلَتِ الْفَاءُ لِمَا فِي الْكَلَامِ مِنْ معنى الجواب لأن قوله:" أيحب أحدكم" كَأَنَّهُمْ قَالُوا فِي جَوَابِهِ لَا، فَقَالَ: فَكَرِهْتُمُوهُ أَيْ فَكَمَا كَرِهْتُمُوهُ فَاكْرَهُوا الْغِيبَةَ.
قَالَ ابْنُ الشَّجَرِيِّ: وَهَذَا التَّقْدِيرُ بَعِيدٌ لِأَنَّهُ قَدَّرَ الْمَحْذُوفَ مَوْصُولًا وَهُوَ "مَا" الْمَصْدَرِيَّةُ وَحَذْفُ الْمَوْصُولِ وَإِبْقَاءُ صِلَتِهِ ضَعِيفٌ وَإِنَّمَا التَّقْدِيرُ فَهَذَا كَرِهْتُمُوهُ وَالْجُمْلَةُ الْمُقَدَّرَةُ الْمَحْذُوفَةُ ابْتِدَائِيَّةٌ لَا أَمْرِيَّةٌ وَالْمَعْنَى فَهَذَا كَرِهْتُمُوهُ وَالْغِيبَةُ مِثْلُهُ وَإِنَّمَا قَدَّرَهَا أَمْرِيَّةً لِيَعْطِفَ عَلَيْهَا الْجُمْلَةَ الْأَمْرِيَّةَ فِي قَوْلِهِ:" وَاتَّقُوا اللَّهَ".
حَذْفُ الْقَوْلِ.
قَدْ كَثُرَ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ حَتَّى إِنَّهُ فِي الْإِضْمَارِ بِمَنْزِلَةِ الْإِظْهَارِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} ، أَيْ يَقُولُونَ: مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِلْقُرْبَةِ.
وَمِنْهُ: {وأنزلنا عليكم المن والسلوى كلوا} أي وقلنا كلوا أو قائلين.
وقوله: {علم كل أناس مشربهم كلوا واشربوا} أَيْ قُلْنَا.
{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطور خذوا} أَيْ وَقُلْنَا خُذُوا.