أَوْ جَوَابًا لِسُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَقِرَاءَةِ: {يُسَبِّحُ لَهُ فيها بالغدو والآصال رجال} ببناء الفعل للمفعول فإن التقدير: يسبحه رِجَالٌ.
وَفِيهِ فَوَائِدُ: مِنْهَا: الْإِخْبَارُ بِالْفِعْلِ مَرَّتَيْنِ. وَمِنْهَا جَعْلُ الْفَضْلَةِ عُمْدَةً.
وَمِنْهَا: أَنَّ الْفَاعِلَ فُسِّرَ بَعْدَ الْيَأْسِ مِنْهُ كَضَالَّةٍ وَجَدَهَا بَعْدَ اليأس، ويصح أن يكون "يسبح" بدل مِنْ "يُذْكَرُ"عَلَى طَرِيقَةِ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} وَ"لَهُ فِيهَا" خَبَرُ مُبْتَدَأٍ هُوَ "رِجَالٌ".
مِثْلُهُ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ: {زَيَّنَ لِكَثِيرٍ من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم} ، قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: الْمَعْنَى زَيَّنَهُ شُرَكَاؤُهُمْ فَيُرْفَعُ الشُّرَكَاءُ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ دَلَّ عَلَيْهِ "زُيِّنَ".
وَمِثْلُهُ قوله تعالى: {وجعلوا لله شركاء} إِنْ جَعَلْنَا قَوْلَهُ "لِلَّهِ شُرَكَاءَ" مَفْعُولَيْ "جَعَلُوا" لأن لله في موضع الخبر المنسوخ وشركاء نَصْبٌ فِي مَوْضِعِ الْمُبْتَدَأِ وَعَلَى هَذَا فَيَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ سُؤَالٌ مُقَدَّرٌ كَأَنَّهُ قِيلَ: أَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قِيلَ جَعَلُوا الْجِنَّ فَيُفِيدُ الْكَلَامُ إِنْكَارَ الشَّرِيكِ مُطْلَقًا فَدَخَلَ اعْتِقَادُ الشَّرِيكِ مِنْ غَيْرِ الْجِنِّ فِي إِنْكَارِ دُخُولِ اتِّخَاذِهِ مِنَ الْجِنِّ.
وَالثَّانِي: ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ أَنَّ الْجِنَّ بَدَلٌ مِنْ "شُرَكَاءَ" فَيُفِيدُ إِنْكَارَ الشَّرِيكِ مُطْلَقًا كَمَا سَبَقَ وَإِنْ جُعِلَ "لِلَّهِ" صِلَةً كَانَ "شُرَكَاءَ الْجِنَّ" مَفْعُولَيْنِ قُدِّمَ ثَانِيهِمَا عَلَى أَوَّلِهِمَا وَعَلَى هَذَا فَلَا حَذْفَ.
فَأَمَّا عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فقيل: {وجعلوا لله شركاء الجن} وَلَمْ يَقُلْ: "وَجَعَلُوا.