مِنَ السَّمَاءِ وَالنَّابِعِ مِنَ الْأَرْضِ وَقَوْلُهُ: {وَقُضِيَ الأمر} أَيْ هَلَكَ مَنْ قُضِيَ هَلَاكُهُ وَنَجَا مَنْ قُدِّرَتْ نَجَاتُهُ وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنْ لَفْظِهِ إِلَى لَفْظِ التَّمْثِيلِ لِأَمْرَيْنِ اخْتِصَارِ اللَّفْظِ وَكَوْنِ الْهَلَاكِ وَالنَّجَاةِ كَانَا بِأَمْرٍ مُطَاعٍ إِذِ الْأَمْرُ يَسْتَدْعِي آمِرًا وَمُطَاعًا وَقَضَاؤُهُ يَدُلُّ عَلَى قُدْرَتِهِ.
وَمِنْ أَقْسَامِ الْإِيجَازِ الِاقْتِصَارُ عَلَى السَّبَبِ الظَّاهِرِ لِلشَّيْءِ اكْتِفَاءً بِذَلِكَ عَنْ جَمِيعِ الْأَسْبَابِ كَمَا يُقَالُ فُلَانٌ لَا يَخَافُ الشُّجْعَانَ وَالْمُرَادُ لَا يَخَافُ أَحَدًا.
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ} وَلَا شَكَّ أَنَّ مَنْ فَسَخَتِ النِّكَاحَ أَيْضًا تَتَرَبَّصُ لِأَنَّ السَّبَبَ الْغَالِبَ لِلْفِرَاقِ الطَّلَاقُ.
وَقَوْلُهُ: {أو جاء أحد منكم من الغائط} وَلَمْ يَذْكُرِ النَّوْمَ وَغَيْرَهُ لِأَنَّ السَّبَبَ الضَّرُورِيَّ النقاض خُرُوجُ الْخَارِجِ فَإِنَّ النَّوْمَ النَّاقِضَ لَيْسَ بِضَرُورِيٍّ فَذَكَرَ السَّبَبَ الظَّاهِرَ وَعُلِمَ مِنْهُ الْحُكْمُ فِي الباقي.
ومنه قوله: {يعلم السر وأخفى} أي وهو مالم يَقَعْ فِي وَهْمِ الضَّمِيرِ مِنَ الْهَوَاجِسِ وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى الْقُلُوبِ مِنْ مُخَيِّلَاتِ الْوَسَاوِسِ.
وَمِنْهُ: {إن الله وملائكته يصلون على النبي} وَنَظَائِرُهُ.
وَكَذَلِكَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو قَائِمٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ قَائِمٌ خَبَرٌ عَنْ أَحَدِهِمَا وَاسْتُغْنِيَ بِهِ عَنْ خَبَرِ الْآخَرِ.
وَمِنْهَا الِاقْتِصَارُ عَلَى الْمُبْتَدَأِ وَإِقَامَةُ الشَّيْءِ مَقَامَ الْخَبَرِ نَحْوُ أَقَائِمٌ الزَّيْدَانِ فَإِنَّ قَائِمٌ مُبْتَدَأٌ لَا خَبَرَ لَهُ.