{وجعلوا لله شركاء} ، بِتَقْدِيمِ الْمَجْرُورِ عَلَى الْمَفْعُولِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْإِنْكَارَ مُتَوَجِّهٌ إِلَى الْجَعْلِ لِلَّهِ لَا إِلَى مُطْلَقِ الْجَعْلِ.
السَّادِسُ: أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيمُ لِإِرَادَةِ التَّبْكِيتِ وَالتَّعْجِيبِ مِنْ حَالِ الْمَذْكُورِ كَتَقْدِيمِ الْمَفْعُولِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شركاء الجن} ، وَالْأَصْلُ" الْجِنَّ شُرَكَاءَ "، وَقُدِّمَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ التَّوْبِيخُ وَتَقْدِيمُ الشُّرَكَاءِ أَبْلَغُ فِي حُصُولِهِ.
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ يس: {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى} وَسَنَذْكُرُهُ.
السَّابِعُ: الِاخْتِصَاصُ، وَذَلِكَ بِتَقْدِيمِ الْمَفْعُولِ وَالْخَبَرِ والظرف والجار والمجرور ونحوها على الفعل كقوله تعالى: {إياك نعبد} ، أَيْ نَخُصُّكَ بِالْعِبَادَةِ فَلَا نَعْبُدُ غَيْرَكَ.
وَقَوْلِهِ: {إن كنتم إياه تعبدون} أَيْ إِنْ كُنْتُمْ تَخُصُّونَهُ بِالْعِبَادَةِ.
وَالْخَبَرُ كَقَوْلِهِ: {قال أراغب أنت عن آلهتي} ، وَقَوْلِهِ: {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ} .
وَأَمَّا تَقْدِيمُ الظَّرْفِ، فَفِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ كَانَ فِي الْإِثْبَاتِ دَلَّ عَلَى الِاخْتِصَاصِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ} ، وكذلك: {له الملك وله الحمد} ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُفِيدُ اخْتِصَاصَ ذَلِكَ بِاللَّهِ تَعَالَى: وقوله: {لإلى الله تحشرون} .