الثَّالِثُ: بِالْعِلَّةِ وَالسَّبَبِيَّةِ.
كَتَقْدِيمِ "الْعَزِيزِ" عَلَى "الْحَكِيمِ" لِأَنَّهُ عَزَّ فَحَكَمَ وَتَقْدِيمِ "الْعَلِيمِ" عَلَى "الْحَكِيمِ" لأن الإتقان ناشىء عَنِ الْعِلْمِ وَكَذَا أَكْثَرُ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ تَقْدِيمِ وَصْفِ الْعِلْمِ عَلَى الْحِكْمَةِ: {قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إنك أنت العليم الحكيم} .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قُدِّمَ وَصْفُ الْعِلْمِ هُنَا لِيَتَّصِلَ بِمَا يُنَاسِبُهُ وَهُوَ {لَا عِلْمَ لَنَا} وَفِي غَيْرِهِ مِنْ نَظَائِرِهِ لِأَنَّهُ صِفَاتُ ذَاتٍ فَيَكُونُ مِنَ الْقِسْمِ قَبْلَهُ.
وَمِنْهُ قَوْلُهُ: {إِيَّاكَ نعبد وإياك نستعين} قُدِّمَتِ الْعِبَادَةُ لِأَنَّهَا سَبَبُ حُصُولِ الْإِعَانَةِ.
وَقَوْلُهُ: {إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين} فَإِنَّ التَّوْبَةَ سَبَبُ الطَّهَارَةِ.
وَكَذَا: {وَيْلٌ لِكُلِّ أفاك أثيم} لِأَنَّ الْإِفْكَ سَبَبُ الْإِثْمِ.
وَكَذَا: {وَمَا يُكَذِّبُ به إلا كل معتد أثيم} .
وَقَوْلُهُ: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وأناسي كثيرا} قَدَّمَ إِحْيَاءَ الْأَرْضِ لِأَنَّهُ سَبَبُ إِحْيَاءِ الْأَنْعَامِ وَالْأَنَاسِيِّ وَقَدَّمَ إِحْيَاءَ الْأَنْعَامِ لِأَنَّهُ مِمَّا يَحْيَا بِهِ النَّاسُ بِأَكْلِ لُحُومِهَا وَشُرْبِ أَلْبَانِهَا.