إلا رب العالمين} ، فَإِنَّ الْأَصْنَامَ لَا تُعَادِي وَإِنَّمَا الْمَعْنَى فَإِنِّي عَدُوٌّ لَهُمْ مُشْتَقٌّ مِنْ عَدَوْتُ الشَّيْءَ إِذَا جَاوَزْتَهُ وَخَلَّفْتَهُ وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا فِيمَنْ له إرادة وأما عاديته فمفاعة لَا يَكُونُ إِلَّا مِنِ اثْنَيْنِ.
وَجَعَلَ مِنْهُ بعضهم: {وإنه لحب الخير لشديد} أَيْ إِنَّ حُبَّهُ لِلْخَيْرِ لَشَدِيدٌ.
وَقِيلَ لَيْسَ مِنْهُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ أَنَّهُ لِحُبِّ الْمَالِ لَبَخِيلٌ وَالشِّدَّةُ الْبُخْلُ أَيْ مِنْ أَجْلِ حُبِّهِ لِلْمَالِ يَبْخَلُ.
وَجَعَلَ الزَّمَخْشَرِيُّ مِنْهُ قَوْلَهُ تَعَالَى: {ويوم يعرض الذين كفروا على النار} كقوله: عُرِضَتِ النَّاقَةُ عَلَى الْحَوْضِ لِأَنَّ الْمَعْرُوضَ لَيْسَ لَهُ اخْتِيَارٌ وَإِنَّمَا الِاخْتِيَارُ لِلْمَعْرُوضِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ قَدْ يَفْعَلُ وَيُرِيدُ وَعَلَى هَذَا فَلَا قَلْبَ فِي الْآيَةِ لِأَنَّ الْكُفَّارَ مَقْهُورُونَ فَكَأَنَّهُمْ لَا اخْتِيَارَ لَهُمْ وَالنَّارُ مُتَصَرِّفَةٌ فِيهِمْ وَهُوَ كَالْمَتَاعِ الَّذِي يُقَرَّبُ مِنْهُ مَنْ يُعْرَضُ عَلَيْهِ كَمَا قَالُوا: عُرِضَتِ الْجَارِيَةُ عَلَى الْبَيْعِ.
وَقَوْلُهُ: {وَحَرَّمْنَا عليه المراضع من قبل} وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّحْرِيمَ لَا يَقَعُ إِلَّا عَلَى الملكف فَالْمَعْنَى وَحَرَّمْنَا عَلَى الْمَرَاضِعِ أَنْ تُرْضِعَهُ وَوَجْهُ تَحْرِيمِ إِرْضَاعِهِ عَلَيْهِنَّ أَلَّا يَقْبَلَ إِرْضَاعَهُنَّ حَتَّى يُرَدَّ إِلَى أُمِّهِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا يَخْدَعُونَ إلا أنفسهم} ، وَقِيلَ: الْأَصْلُ وَمَا تَخْدَعُهُمْ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ لِأَنَّ الْأَنْفُسَ هِيَ الْمُخَادِعَةُ وَالْمُسَوِّلَةُ، قَالَ تَعَالَى: {بَلْ سولت لكم أنفسكم} .
ورد بأن الفاعل في مثل هذا هوالمفعول في المعنى وأن التغاير في اللفظ فَعَلَى هَذَا يَصِحُّ إِسْنَادُ الْفِعْلِ إِلَى كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَا حَاجَةَ إِلَى الْقَلْبِ.